Monday, January 30, 2006

أصول وضوابط في دراسة السيرة


يكفي دلالة على القناعة بأهـمـية دراسة السيرة تلك الكتابات المتكاثرة التي تحاول الإفادة من السيرة بأكثر من صورة. ولِمـَـا لمنهج الكاتب من تأثير في كتاباته فإن من المهم السعي إلى تحديد أطر منهجية ضابطة للدراســـة والكتابة. وهذه محاولة لرسم بعض المعالم والضوابط أرجو بها النفع، وأن تتبعها دراسات أكثر نضجاً من ذوي الاهتمام والاختصاص(1).
أولاً: فهم حقيقة الإسلام ومنهجه المتكامل:
يكتسب هذا القيد مكانته من جهة عـجــز مــن يفـتـقـده عــــن قراءة أحداث السيرة قراءة موضوعية تمكنه من سلامة فهم الأحداث، وتقصِّي أسبابها، ومـعـرفـة دوافعها، وتفسيرها بما يتفق مع روح الإسلام. فمن المهم "أن يُعنى بالجانب التشريعي الـذي يـحـتـكـم إلـيــه المجتمع، وتوضح الضوابط الخلقية والقانونية التي تحكم حركة الأفراد والمجتمعات، ولا يـمـكـن الفصل بين الجانب السياسي والعسكري، والجانب الخلقي والتشريعي، خاصة في
الـقــرون الأولـى مـن تـاريـخ الإســـلام؛ حيث تتشابك العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية بالعقيدة تشابـكــاً وثـيـقــاً بحيث يصعب فهم حركة التاريخ في تلك المرحلة دون فهم روح الإسلام ومبادئه"(2).
إزاء هذا الضابط نرى أنفسنا أمام خطرين اثنين:
أولهما: افتقاد بعض الباحثين والدارسين إلى المرجعية الشرعية.
وثانيهما: قــراءة السيرة بأنظمة معرفية أخرى: رأسمالية، واشتراكية، وعلمانية، وقومية من الخارج، ومـحــاولة تقطيعها والانتقاء من أحداثها، وفصلها عن نسقها المعرفي وسياقها ومناسباتها(3).
ونـظـير هذا: قراءة السيرة بخلفية بدعية صوفية أو رافضية.. ونحوها؛ فالرافضة ـ مثلاً ـ: يحللون أحداث السيرة تحليلاً يتسق مع انحرافاتهم العقدية!
ثانياً: ترك المنطق التسويغي:
ينـبـغـي أن تنطلق دراسة السيرة من اليقين بعزة الإسلام وأحقيته في الحكم والسيادة، وأن الله لا يقبل ديناً سواه، وأنه لا يفهم إلا من خلال دراسة السيرة.
ولذا وجب البعد عن الروح الانهزامية في تحرير السيرة وتحليلها، وخاصة في الجهاد.
ومن الـمواضيع التي ينهزم أمامها التسويغيون ولا يجدون لها مسوِّغاً ــ على حد زعمهم ــ مسألة قـتل يهود بني قريظة لما قبلوا حكم سعد بن معاذ فيهم ــ وكان حليفهم في الجاهلية ــ فحكم فيهم بحكم الله: أن يقتل رجالهم، وتسبى نساؤهم وذراريهم! هنا يصعب الموقف على من في قلبه انهزامية، فيسعى للتشكيك في ثبوت القصة. وهي ثابتة بلا شك(4).
ثالثاً: اعتبار القرآن الكريم مصدراً أولاً في تلقي السيرة وفهمها:
لدراسة السيرة من خلال كتاب الله ميزات عدة، منها:
- أن مدارسته عبادة عظيمة.
- اشتمال القـرآن على إشـــــارات تفصيلية لا توجد في مصدر آخر، كما في أحداث زواج زينب ـ رضي الله عنها ـ.
- دقة وصفه للأحداث والشخوص، حتى يصور نبضات القلب، وتقاسيم الوجه،وخلجات الفؤاد، وهذه خصيصة تنقل القارئ إلى جو الحدث ليعيش فيه.
- تـركـيـزه على خصائص سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مثل: كونه بشراً، وأن رسالته عامة، وأنــــه خاتم النبيين. ومنها: ربطه بين قصة الحدث وسيره وبين العقيدة والإيمان والقضاء والقدر.
- بـيـانه حكمة الحدث ونتائجه وحكمة الله في تقديره، وهو الدرس التربوي المطلوب(5).
وبدراســة السيرة من القرآن يتحول الحدث من قصة في زمان ومكان معينين إلى درس كبير متكامل يتعدى ظروفهما.. يُتلى إلى قيام الساعة(6).
إن من يـعـيـش الـسـيرة من خلال القرآن ـ وصحيح السنة ـ لا تعود السيرة في حسه مجرد أحداث ووقائع، وإنـمــــا تصير شيئاً تتنامى معه مشاعره الإيمانية تجاه الجماعة المؤمنة، ووعيه الإيماني بالسنن الربـانـيـــة(7). ومع أهمية هذا النوع من الدراسة فإنه لم يلق بعدُ اهتماماً يتناسب معه(8).
رابعاً: تمحيص الصحيح من الأخبار فيما يتعلق بالعقيدة والشريعة:
الناس في اشتراط تمييز الصحيح من الضعيف في روايات السيرة على قولين مشهورين:
الأول: مَـنْ لم يشترط التمحيص وأجاز إيراد كل مرويات السيرة، واحتج بأن كَتَبَة السيرة لم يعتمدوه ولم يحرصوا عليه. واستدلوا بما اشتهر عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ أنه قال: "ثلاثة كـتـب لـيـس لـهـــا أصول: المغازي، والملاحم، والتفسير"(9). ويمكن نقاش دليلهم واستدلالهم من أوجه(4):
أ- أن ثبوت هذه المقولة عن الإمام أحمد موضع نظر(10)،ومن ذا الذي يقول: إنه لا يثبت شيء في مغازي المسلمين؟ فـأيـن ما في الصحاح والسنن، وأين ما ذكره الإمام أحمد نفسه في مسنده؟
ب - وفـي حـــــال ثبوت الرواية فإنه لم يقل: لم يصح فيها شيء، ولكن قال: ليس لها أصول. وقوله: ثلاثــــة كُتُبٍ يدل على أن مراده: "كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمد عليها، ولا مـوثـوق بصـحـتـهــا؛ لسوء أحوال مصنفيها، وعدم عدالة ناقليها، وزيادات القُصَّاص فيها"(11).
ج - أنـه حـتى لـو نـفــى الصحة عنها فإن نفيها لا ينفي الحُسْن، ولا يستلزم الضعف أو الوضع.
د - يحـمــل قـولــه عـلى الحال الغالب؛ فإن هذه الفنون غالب رواياتها ليس لها أسانيد متصلة(12).
أمـا الـقــــــــول الثاني: فيمثله د. أكرم العمري؛ حيث يقول: "المطلوب اعتماد الروايات الصحيحة وتـقـديمـهـــــا، ثم الحسنة، ثم ما يعتضد من الضعيف لبناء الصورة التاريخية لأحداث المجتمع الإسلامـي في عصر صدر الإسلام... وعند التعارض يقدم الأقوى دائماً.. أما الروايـات الضعيفة التي لا تقوى أو تعتضد فيمكن الإفادة منهــا في إكــمال الفراغ الذي لا تسده الروايات الصحيحة والحسنة على ألا تـتـعـلـق بـجـانـب عقـدي أو شرعي؛ لأن القاعدة: "التشدد فيما يتعلق بالعقيدة أو الشريعة"(13). ولا يخفى أن عـصر السيرة النبوية والخلافة الراشدة مليء بالسوابق الفقهية، والخلفاء الراشدون كانوا يجتهـدون فـي تسيير دفة الحياة وفق تعاليم الإسلام؛ فهم موضع اقتداء ومتابعة فيما استنبطوا من أحكـام ونظم لأقضية استجدت بعد توسع الدولة الإسلامية على إثر الفتوح.
أما الروايات التاريخية المتعلقة بالعمران: كتخطيط المدن، وزيادة الأبنية، وشق الترع.. أو الـمـتـعـلقة بوصف ميادين القتال وأخبار المجاهدين الدالة على شجاعتهم وتضحيتهم فلا بأس من التساهل فيها"(14).
وهذا هو المنهج المعتبر عند الأئمة المحققين، يشهد به صنيع الذهبي في (تاريخ الإسلام)، وابـن ســيـد الناس في(عيون الأثر)،(15) وابن حجر في(الفتح)(16)،وكذلك ابن القيم وابن كثير.
أما ما يؤخذ من الروايات التاريخية فهو ما اتفق عليه الإخباريون(17). أما اشتراط الصحة في كــل خــبـر تـاريـخـي ـ والـذي مـشى عليه بعض المؤلفين في السيرة فاختزلوا كثيراً من أحداثها ـ فإن ذلك يترتب عليه تضييع ثـروة عـلـمــيــة كبرى، وإهدار الاستفادة منها في مجالات تربوية وإدارية.. ونحوها؛ حيث تضعف الثقة في كل ما استنبط منها(18).
يبقى: كيف تدوّن السيرة على ضوء المنهج السابق: هل تذكر كل الأحاديث بنصوصها، أم يجمع بين الروايات في سياق واحد؟
الـظـاهــــر: هو الطريق الثاني؛ تحاشياً لتشوش القارئ، وتشتت ذهنه بانقطاع الأحداث، وتكرر بعـضـها، وعدم وضوح صورة متسلسلة متكاملة للسيرة، ثـم إنــه صنيع الزهــري في روايتــه لحادثة الإفك التي رواها مسلم عنـه(19).
خامساً: معرفة حدود العقل في قبول النصوص وردها:
يرى العديد من الدارسين ـ وخاصـــة من المستشرقين ـ أن علماء المسلمين أهملوا نقد المتون، وأن ذلك لغياب عقليتهم النقدية. وهـــــــذا مردود، وهذه بعض أمثلة لمحاكمات تاريخية مستندة إلى نقد المتن:
1- رفــض ابن حزم العدد المذكور عن عدد جند المسلمين في أُحُد؛ بناء على محاكمة المتن وفق أقيسة عقلية بحتة.
2- قدّم مـوسـى بـن عـقــبــة غزوة بني المصطلق إلى السنة الرابعة ـ خلافاً للأكثرين الذين جعلوها في السنة السادســــة ـ؛ لاشتراك سعد بن معاذ فيها، وهو متوفى عقب بني قريظة وهي في السنة الرابعة. وتابعه على تقديم تاريخها ابن القيم والذهبي.
3- أخّر البخاري غزوة ذات الرقــاع إلى ما بعد خيبر؛ نظراً لاشتراك أبي موسى الأشعري وأبي هريرة فيها، وقد قدما بعد خـيـبــر، وتـابـعه على تأخيرها ابن القيم وابن كثير وابن حجر، خلافاً لرأي ابن إسحاق والواقدي في تقديمها.
4- الخلاف حول تشريع صلاة الخوف معظمه مبني على محاكمة المتن.
والأمثلة كثيرة؛ ولكن من المهم أن يقال: إن حفظ الروايات قد استنفد طاقة الأوائل، وأتى بعدهم من لخّص وذيّل عليها وانتقى منها، وهـذا عـمـــل نقدي. وفي مؤلفات متأخرة تَبْرُزُ محاكمات دقيقة للمتون، كما في: البداية والنهاية، وفتح الباري، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "الأحاديث التي ينقلها كثير من الجهال لا ضابط لها، لكن مـنـهـــا ما يعرف كذبه بالعقل، ومنها ما يعرف كذبه بالعادة، ومنها ما يعرف كذبه بأنه خلاف ما علم بالنقل الصحيح، ومنها ما يعرف كذبه بطرق أخرى"(20).
كما يـحـســب فـي عــــداد تقويم العقلية النقدية لدى المسلمين خدمتهم لنصوص أحاديث الأحكام خدمة بالغة، وجهودهم في كتب أصول الفقه التي تنبئ عن عقلية فذة. وإذا علمنا أن للمؤرخين القدامى كتباً في فنون أخرى لم يجز لنا أن نتهمهم بإهمال المتون، كما يجب مراعاة عنصر الزمن، فـلا تقوّم جهودهم بمقاييس أنجزها التقدم العلمي اليوم؛ لئلا يُغمطوا
حقهم.
على أن علم مصطـلح الحديث قد اشتمل على مباحث تشكل الجانب النظري لنقد المتون، ولـكـن الـقـصـــــور حصل في تطبيق ذلك على الرواية التاريخية، فلم تحظ بما حظيت به الأحاديث النبوية من العناية(21).
لقد انزلق المطالبون بنقد المتون؛ حيث أجروا أحكام العقل في المتون الثابتة، وجعلوا ذلك أساساً للرد والقبول، وذلك أمر تتفاوت فيه العقول، وإنما يجيء الإشكال من جهة قصور العقل عن إدراك الخطاب للتوفيق بينه وبين النصوص الأخرى.
وربما يُثبت من لم يـلـتـزم مـنـهــج المحـدثـيـن حديثاً واهياً لصحة معناه، وقد يردُّ رواية الشيخين لظنه تعارضها مع مبادئ الإسلام وقــواعده، وهذا تحكيم ضعيف للعقل(22).
ومما وقعوا فيه خلال دراسة السيرة نفي الـمـعـجـــــزات الثابتة بالنقل الصحيح، وهو في حقيقته انصياع للفكر المادي والفلسفات الوضعية، مع أن المسلم لا بد له من الاعتزاز الذي يحقق له الاستقلال التام في النظر والبحث العلمي(23).
سادساً: فهم العربية ومعرفة أساليبها:
"امـتـاز الـتـألـيــف في العصور الأولى بقوة الأسلوب وفحولة المعاني وجزالة الألفاظ وإشراق الديباجة والـتـزام أساليب العرب ومذاهبهم في البيان"(24) فدعت الحاجة لدارس السيرة إلى حسن فـهــم العـربية وأســالـيـبها؛ ليحسن التعامل مع روايات السيرة؛ إذ المطلوب في فهمها والاستنباط مـنـهـــا أن يـتــم وفق قواعد العربية وأساليبها دون تعسف أو تمحُّل في التفسير(25).
سابعاً: الالتزام بالمصطلحات الشرعية:
قسم الله ـ تبارك وتعالى ـ الناس ثلاثة أقسام: مؤمناً، وكافراً، ومنافقاً ـ كما في صدر سورة البقرة ـ وجعلهم حزبين: أولـيـاء الـرحـمــــن، وأولياء الشيطان، فالواجب الالتزام بهذه التسميات، وعدم العدول عنها إلى مثل: يمـيـني، يساري(26)، ليبرالي... إلا عند الحاجة للتعريف باتجاهات بعض الأفراد الذين يترتب عـلـى مـعــرفــــة ذلك منهم مصلحة، مع
الحرص على التحديد ما أمكن.
وفـائـــدة التحديد في تقليل التمييع والتضليل الذي يسعى إليه المفسدون وأشياعهم؛ حيث يحرصون على التعمية وتجاهل الأسماء الشرعية التي يترتب عليها أحكام، وتستلزم ولاءاً أو براءاً.
ثامناً: صدق العاطفة:
من أسس الكتابة في السيرة ودراستها توفر المحبة الصادقة لصاحبها صلى الله عليه وسلم والعاطــفــــة الحية التي تُشعر بمدى الارتباط الحقيقي قلباً وقالباً، والتفاعل الحقيقي مع أحداث سيرته(27).
ولقد عبر الشـيـخ محمد الغزالي عن عاطفته الجياشة فقال في مقدمة فقه السيرة(28): "إنني أكتب في السيرة كـمـــــا يكتب جندي عن قائده، أو تابع عن سيده، أو تلميذ عـن أستاذه، ولست ـ كما قلت ـ مؤرخــــاً محايداً مبتوت الصلة بمن يكتب عنه". ودراســــة السيرة تعبُّداً لله وتقرباً إليه تنمي ذلك الحب، وتسقي تلك العاطفة.
تاسعاً: الوفاء بحقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم دون غلو ولا جفاء:
ينأى عن ســـنـة الـنـبـي صـلـى الله علـيـه وسـلـم ومـنـهــج سلف الأمة في دراسة السيرة فريقان(29):
1 - قوم قصَّروا في حق النبي صـلـى الله عـلــيــه وسلم وما يجب له من الإجلال والتوقير والتعظيم، فدرسوا سيرته كما يدرسون سائر الشخصيات الأخرى، فنظروا لجوانب العظمة البشرية والقيادة والعبقرية والبطولة والملك والإصـلاح الاجتماعي، مغفلين الجانب الأعلى في حياته، وهو تشرفه بوحي الله ـ عز وجل ـ وخـتـم النبوة والرسـالة. ولهـــؤلاء يحــسن سياق خـبر أبي سفيان يــوم فتـح مـكة؛ حيث قال للـعـبــــاس لما رأى كتائب الصحابة ـ
رضي الله عنهم ـ: والله لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم لعظـيـماً، فقال العباس: ويحك يا أبا سفيان، إنها النبوة، قال: فنعم إذاً(30).
2 - وآخرون بالغوا في التعظيم وغلوا في منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلم يَرُقْ لهم وصفه بالبشرية، بل ربما خطر لبعضهم أنه ضرب من الجفاء! مع أن كونه صلى الله عليه وسلم بشراً عبداً لله ـ عز وجل ـ من مسلَّمات العقيدة، وخلافه ضرب من الضلال؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم؛ فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله"(31).
فـالـحــق وسط بين الطرفين؛ ولدراسة السيرة انطلاقاً من ذلك أثر كبير في العقيدة والعبادة والسلوك والدعوة والتأسي والاقتداء.
عاشراً: تحديد هدف الكتابة والشريحة المخاطبة بها:
على كاتـب السـيـرة معرفة الشريحة المراد مخاطبتها، وفهم الأسلوب المناسب الذي تؤدى به.
وعـلـيــه كـذلك أن يـعـيِّـن غـرضـه من الكتابة، وماذا يريد من: معالجة جديدة، أو طرح للأحداث بأسلوب جديد، أو تـعـلـيـل لقـضـايـــا مـنـغـلقة، أو تركيز على أحداث أغفلها الكُتَّاب(32).
فمثلاً المرحلة المكية مرحلة تربوية خصبة كتبت فيها كثير من الكتابات، ولا تزال بحاجة إلى بسط في بعض جوانبها وزواياها، ومن ذلك:
1- موقف الجاهلية من الدعوة والمؤمنين بها؛ فأعداء الدعوة ليسوا قريشاً وحدهم، بل كل الجاهـلـيـة.. ثـقـيـف وهوازن وغيرهما. وإنما برزت قريش؛ لأنهم عشيرته صلى الله عليه وسلم الأقربون، ولكن تخصيصهم بالحديث يوحي بمحلية الدعوة، وهو خطأ جسيم.
2- موقف المؤمنين من الاضطهاد، بالمقارنة بين حالهم قبل الإسلام وبعده، وكيف صنعهم الإسلام حتى هـــان على المؤمنين من العقوبات ما كان أخفه هو غاية التهديد في الجاهلية كالطرد من القبيلة ـ مثلاً ـ.
3 - الدور التربـوي العـظـيم لدار الأرقم ـ مدرسة المؤمنين السابقين الأولين ـ، والمؤسف أن الأخبار عنها قليلة، مع أنـهــا تميزت بإعطاء منهج تربوي متكامل(33). ولعل من الكتب المفيدة في دراسة المرحلة المكية: في ظلال القرآن، لسيد قطب ـ رحمه الله ـ (34).
حادي عشر: العناية بتحليل الأحداث والتعليق والموازنة:
بذل العلماء المتقدمون جهوداً مضـنـية في حفظ العلم وروايته أشغلتهم ـ في بعض الأحيان ـ عن العناية بتحليل الأخبار ودراستها والنظر في أسباب الأحداث وملابساتها.
وفي عصور الضعف لم يأخذ جانب الـتـحـلـيـل والـدراسة حقه؛ "بسبب النظرة التجزيئية للقضايا، والسطحية في التعامل مع الروايات، وعدم وضـــــوح الـتـصـور الإسلامي لحركة التاريخ ودور الفرد والجماعة، والعلاقة الجدلية بين القدر والحرية وقــانــون السببـية في الربط بين المقدمات والنتائج.
فضلاً عن أن الكتب التاريخية القديمة لا تمدنا بمنحى واضح في التحليل والتصور الكلي؛ بـسـبـب اعتمادها على سرد الروايات فقط؛ إذ قلَّما يشير المؤرخ الإسلامي القديم إلى السنن والنوامـيـس والقـوانـين الاجتماعية التي تحكم حركة التاريخ، رغم أن القرآن الكريم لفت نظر المسلمين إلى ذلك كـلـه بـوضـــــوح، بل إن أحداً من مؤرخي الإسلام لم يحاول إعادة صياغة النظرة القرآنية للتاريخ وتقديـم الوقائع والتطبيقات والشواهد القرآنية عليها بشكل نظريات كلية حتى وقت متأخر عندما كتب ابن خلدون مقدمته"(35).
ولغياب النظرة التحليلية في دراسة السيرة فقد غلب عليها الطابع التسجيلي السردي الذي يحاول إثبات الوقائع ووصف تطور الأحــــداث وتقرير النتائج دون الالتفات إلى المقدمات ومحاولة اكتشاف المنهج الذي يُسَيِّرها. ومــع أن الدراسات شملت وصفاً دقيقاً لكل أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وكل ما يـتـصـــل بــــه.. إلا أن الحديث عن المعجزات والمؤيدات الغيبية كان على حساب سنن عالم الشهادة التـي يـتـحــــرك في إطارها ويصنع الأحداث ويحقق النتائج(36).
"الـحــــق أن المـحـدَثـيـن في باب التحـلـيــل والتعليق والموازنة بين المواقف قد أرْبوا على المتقدمين، وأكسبوا الـسـيـرة جـــــدة ورواءاً، وقــد تفاوتوا في ذلك على حسب تفاوتهم في المراتب، وسعة العلم والأفق، والاطلاع على سير الآخرين"(37).ولكن غالب هذه الدراسات قد ركز على جانب إثبات النبوة، وإبراز الخصائص. وهو أمر له مسوِّغه الظرفي في الصراع مع المخالفين. واهتم جزء آخر باستخراج الأحكام والـتـوجـيـهـات والفوائد، واهتم آخرون بالتفسير الحركي لتسويغ بعض مواقف الحركة الإسلامية المعاصرة.
ثاني عشر: الاهتمام بتحرير المنهج النبوي في سائر المجالات:
بقيت العناية بالمنهج قليلة، مع أنه بإمكان النظرة الشمولية لهذه الجهود العلمية الضخمة الآنفة الذكر أن تستخلص البنية الهيكلية العامة للمنهج النبوي في نواحيه المختلفة(38).
نعم.. إن استخلاص المنهج مطلب ضروري، بيد أنه ليس بالأمر الـيـسـيـر، خـــلافاً لما قد يتوهمه بعضهم حين ظنوا أن (المنهج النبوي) على طرف الثمام، وأن نظرة عجلى عـلــــى السيرة العطرة، أو جزء من السنة المطهرة، أو انتقاء مقاطع من هنا أو هناك كافية للإحاطة بـهــــذا الـمـنهج الفذ، وبناء حتميات تاريخية على تلك الأفهام العجلة. وتصوُّر بعضٍ أن
بالإمكان إعادة إنتاج العهدين المكي والمدني، أو تمثيلهما في أي واقع يُعَدُّ مجازفة كبيرة...
إن المنهج حين يـطـلـــــق فـي إطار معرفي إنما يراد به قانون ناظم ضابط يقنن الفكر ويضبط المعرفة التي إن لم يـضـبـطـهـا المنهج فقد تتحول إلى مجرد خطرات انتقائية ـ مهما كانت أهميتها ـ لا يمكن تحويلها إلـى ضوابط فكرية وقوانين معرفية تنتج الأفكار وتولد المعارف وتضبط حركاتها وتميز بينها؛ فـبـالـمـنـهـــج يمكن أن نحَدد طبيعة المعرفة وقيمتها وحقل
عملها واتجاهها وكيفية البناء عليها والتوليد منها...
إن أي فكر تتضارب مقولاته وتتناقض لا يعـتـبـر فـكـراً منهجياً حتى لو تمكن أصحابه من تقديم مختلف التأويلات التوفيقية: كالتأويل، والمقاربــة، والتلفيق، وغـــيرها. ولذلك فإن إطلاق مصطلح: (منهج النبي صلى الله عليه وسلم) و (المـنـهـــــج الإسلامي) على ما يصل الباحثون إليه باجتهاد شخصي أو فردي لا بد أن يُحتاط فيه، كــأن يقال: على ما نراه، أو على ما توصلنا إليه... الخ"(39).
مـطـلـــوب ـ اليوم أكثر من أي وقت مضى ـ قراءة السيرة ودراستها دراسة استراتيجية في مختلف الـحـــــالات الاجـتـمـاعـيـة والتربوية والعلمية والإدارية والسياسية والاقتصادية والحركية والأمنية والثقافية.. ففي السيرة بيان لجميع الحالات أو أصولها؛ خلافاً لصنيع بعض كُتَّاب السيرة حين يصورون حـيــــاة النبي صلى الله عـلـيـه وسـلـم على أنها صراع وحروب وغزوات وسرايا، ويغفلون عن الجوانب الأخرى(40).
لـكــــن المطلوب: دقة تحليل الواقع المعاش من خلال متخصصين، لا متحمسين فقط، ثم دراسة السيرة وتحليلها، ثم تحديد مواقع الاقتداء من مسيرة السيرة، أو اكتشاف المرحلة من السيرة التي تمثل حالة الاقتداء وكيفيته من خلال ظروف الحال نفسه(41).
ثالث عشر: تحديد هدف الدراسة وهو الاقتداء والتأسي:
من العبث اعتبار سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، لمجرد التسلية وإبراز عظمة الرجال؛ بل إن سيرته هداية للناس، وترجمة عملية لدين الله ـ عز وجل ـ وتصور للإسلام يتجسد في حـيـــــاة صــاحــب الرسالة، تطبيقاً للمبادئ والقواعد والأحكام النظرية(42). ولذا قال الزهري: "في علم المغازي علم الآخرة والأولى"(43).
لمَّا وعى الصحابة وسـلــف الأمة هذا الغرض اكتسبت السيرة في حياتهم مكانة علمية تليق بها وبهم. قال علي بن الحـسـيـن: "كنا نتعلم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نتعلم السورة من القرآن"(44)؛ لأنه لا غنى لمن يريد الاقتداء به عن معرفة سيرته. والاقتداء أساس الاهتداء ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسـْـــوَةٌ حَـسَـنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ والْيَوْمَ الآخِرَ وذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)) [الأحزاب: 21](45).
ولكن كيف نتعامل مع السيرة في هذه المرحلة المتغيرة، وكيف يكون الاقتداء؟
الواقع يتغير، ووسائلنا في العمل والاقتداء وقراءة القـيـم لا تـتـغـيـر، والسيرة اتخذت لكل حالة ما يناسبها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياســــر ـ حـيـن أكـرهـــه المشركون على سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير ـ: "إن عادوا فعد"(46).
آيـــة الـتـأسـي نزلــت فـي غزوة الأحزاب لتبين أن تمام الاقتداء إنما يكون في شدة البأس والضيق وفوات الدنيا لمن تـعــــلق بالآخرة، فلا يكون الاقتداء في اليسر دون العسر، ولا في الحاجيات والتحسينيات دون الضروريات من مقاصد الشريعة، وليس المقصود التقليل من شأن الاقتداء في العادات؛ فذلك مهم في صياغة الشخصية المتكاملة.
نزلت آية الأحزاب وقد بلغت القـلـوب الحناجر، وحين استنجد الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم عندما واجهتهم الصخرة الكبيرة حاول تفتيتها بالمعول طبقاً للسنن الجارية مؤملاً النصر(47).
"فقيمة الاقتداء وعطاؤه وعظيم ثوابــه عـنـدمــــا يكون في العزائم والقضايا الكبيرة التي قد يمتحن صاحبها في صدق إيمانه وقوة يقينه، فتفــوتــه بـعــــض النتائج في الدنيا، ويخسر المعركة، لكن الاقتداء يحميه ويحـول بينه وبين السقوط، ويرتـفــع بــــه من الوقوف عند النتائج القريبة إلى إبصار العواقب والمآلات.. ذلك أن مظنة الارتكاز في الاقـتـداء هي رجاء الله واليوم الآخر واستمرار الذكر الذي يجلِّي هذه الحقيقة، ويؤكد حضورها واستمرارها: ((لَقَدْ كَـانَ لَـكُــمْ فِي رَسُـــولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ والْيَوْمَ الآخِرَ وذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)) [الأحزاب: 21]"(48).
ولـكـــل مخـلــص أن يتساءل: ما نصيب السيرة النبوية في المناهج التربوية اليوم؟ وما أثر معرفتها في سلوك العاملين في ميادين الدعوة والتربية والتعليم؟
رابع عشر: معرفة مواضع الاقتداء من فعله صلى الله عليه وسلم:
معرفة أحوال أفعاله صلى الله عليه وسلم وأقسامها مبحث أصولي يهم دارس السيرة.
وفعله صلى الله عـلـيـه وسـلـم لا يخـلـو إما أن يكون صدر منه بمحض الجِبِلَّة، أو بمحض التشريع، وهذا قد يكون عامّاً للأمة، وقــد يـكـــون خاصّاً به صلى الله عليه وسلم، فهذه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الأفعال الجِبِلّية: كالقيام والقعود والأكل والشرب، فهذا القسم مباح؛ لأن ذلك لم يقصد به التشريع ولم نتعبد به، ولذلك نسب إلى الجِبِلَّة، وهي الخِلْقة.
القسم الثاني: الأفـعــــال الخاصة به صلى الله عليه وسلم التي ثبت بالدليل اختصاصه بها كالجمع بين تسع نسوة؛ فهذا القسم يحرم فيه التأسي به.
القسم الثالث: الأفعال البيانية التي يقصد بها البيان والتشريع، كأفعال الصلاة والحج، فحكم هذا القسم تابع لما بـيَّـنه؛ فإن كان المبيَّن واجباً كان الفعل المبيِّن له واجباً، وإن كان مندوباً فمندوب"(49).
خامس عشر: معرفة كيفية الاستفادة منها في الواقع:
الـدراســــــة المفيدة للسيرة تحصل حين تُدرَس على أنها سنن ربانية يمكن أن تتكرر كلما تكــررت ظــروفــهـــــا، ولا تتحقق أبداً حين ننظر للسيرة على أنها مجرد أحداث مفردة قائمة بذاتها حدثت زمــن البعثة النبوية... بل هي آيات وعبر في شؤون الحياة كلها، وإلا ضاع رصيدها وقوتها الدافـعـة لأجيال المسلمين؛ فهي تربط المسلم بالسنن الربانية، وتربط قلبه بالله ـ تعالى ـ(50).
إن كـل حـــركــة إصلاح أو تغيير تعجز عن الاستفادة من السيرة في صياغة مناهجها وحل مشكلاتها هي بـعــيــدة عــــن الاقتداء؛ لأن الواجب تجريد السيرة من قيد الزمان والمكان لتجيب عن أسئلة الواقع ومـشـكـــلاته. وهذا النــوع مــن الدراسات قليل جداً؛ إذ جــلّ الدراسات لا تعبر عــن عصر مؤلفـها، ولا تخــدم احتياجات واقعه، ولا تطرق مشكلاته.
قد تكون المشكلة كامنة ـ أحياناً ـ في غياب المقاصد الحقيقية التي تمثل معاني الخلود عند دارسي السيرة ـ أي قدرتها على الـتــعـامــل مع جميع الظروف ـ مما جعلها عند كثيرين تاريخاً لا مصدراً للاهتداء والتشريع.
وهـي ـ لا شـــــك ـ تاريخ، ولكنها تاريخٌ وحاضر ومستقبل: تاريخٌ زماناً ومكاناً، وحاضرٌ عطاءاً ومصدراً للتشريع، ومستقبلٌ رؤية ًواستشرافاً.
وإذا كان التاريخ مصدراً للدرس والعبرة فالسيرة أوْلى؛ لأنها فترة مسددة بالوحي، وحقبة بيان عملي للدين.
لقد سبب غياب هـذا المنطلق إغـراقاً في الفقه النظـري ـ سـواء الذي يسير خلف المجتمع، أو البعيد عـن واقعه ـ كما سبب تراجعاً في الفقه التطبيقي (فقه التنزيل) فصارت مشكلات المسلمين تنشد الحل المستورد.
إن مما يؤكد أهمية الانـطلاق من ذلك المنطلق حين التعامل مع السيرة ما يشير إليه ترتيب سور القرآن وآيـاتـــــــه ـ والسيرة بيان عملي للقرآن ـ فلم يجئ ترتيبه حسب نزوله زماناً ومكاناً؛ لئلا يبقى المتأسي أسـير الزمان والمكان الماضيين، بل ليبقى مسخِّراً للزمن متحكِّماً فيه يستطيع تحديد الموقع الـمـنــاسب للاقتداء من خلال قيم القرآن الكريم ومسيرة السيرة
بحسب الظروف والإمكانات وطبيعة أقدار التدين التي تحدد مكان الاقتداء من السيرة... هذا وإلا بقيت السيرة في خانة الـتـبـرك والفــخــر تصاغ في شكل موالد وموائد تشيع فيها البدعة، وتضيع فيها السنَّة، وتضيع معها الأوقات(51).
وفي سيرة سلفنا إضاءات للمستنيرين بنورها، فهذا أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ يقاتل مانعي الزكاة، ويقول لعمر بن الخطاب لما حاول تأجـيـل قــتـالهــم: "أجبَّار في الجاهلية، وخوَّار في الإسلام؟! إنه قد انقطع الوحي، وتم الدين، أَوَ ينقص وأنـــا حي؟!"(52)، فلم يتقيد بقيد الزمان، ـ وهو ما قبل فرضية الزكاة في صدر الدعوة ـ. ولذا فــــإن من الخطأ أن نريد إعادة مراحل السيرة التي كانت قبل اكتمال شرائع الإسلام، فنكتفي ببـعـضها ردحاً من الزمن، ونحمل الناس على شيء من الدين مرحلة من الزمن(53) فذلك "تبسيط شــديـد للأمور من ناحية، وتجاوز لتحليل ومعرفة أهـم الأبعاد التي غابت عـن محاولات التغيير، وأدت إلى تراجعهــا"(54).
ولـكـي يـتـضــــــح جانب التبسيط فإنه يُرّدُّ على من أراد تقييد الإفادة من السيرة بالزمان بتقييدها بالمكان! فهل يطيقه؟ ولا بد أن نلاحظ ـ حال الإفادة من معطيات السيرة ـ أنه لا يمكن أن تُنتِج الوســـائـلُ والـتـصـرفـات الـتي اسـتـعـملها رسول الله صلى الله عليه وسلم
النتائج نفسها إذا استعملها سواه؛ لاختصاص الرسول صـلى الله عـلـيـه وسـلـم بالـوحــي والتسديد من الله ــ عز وجل ـ(55).
ولـــذا، فإنه تبقى للسيرة النبوية صفة المعيارية الخالدة في الإطار العملي التطبيقي، وليس ذلك أبـداً لـمـمـارسات أحد غيره ـ كائناً من كان ـ، فلا يجوز إسقاط السيرة على تصرفات بعض الأفراد أو الجماعات لتسويغ بعض الممارسات وإكسابها المشروعية، سواء قبل التصرف أو بعده، وسواء في ذلك القراءات الحركية أو العسكرية أو الأمنية أو الاقتصادية أو التربوية مــا دامــت فصّلت حــوادثها علــى تصــرفات معينة، والتي لا يمكن أبداً أن تكون معياراً، بل هي في الحقيقة صفحة من التاريخ تفيد الدرس والعبرة(56).
وفي الختام: لـعــــل فيما سبق من الضوابط محاولة لرسم معالم في كتابة السيرة ودراستها؛ والمرجو أن تبعث لدى المهتمين المبادرة بنقدها وتقويمها، والسعي لتحرير منهج علمي متين في دراسة سيرة الهادي صلى الله عليه وسلم.
الهوامش:
(1) طـالـعـت مقدمات عدد من كتب السيرة، حيث لم أجد دراسة مفردة، وقبيل الانتهاء من كتابة المـوضـوع وجدت مقدمة في السيرة اشتملت على جملة من الضوابط المهمة أملاها د. عبد الرحمن المحمود في بعض دروسه العلمية فاستفدت منها كثيراً.
(2) د. أكرم ضياء العمري، في السيرة النبوية الصحيحة : 1/18.
(3) انظر: مـقـدمـــــة عمر عبيد حسنة لكتاب: في السيرة النبوية قراءة لجوانب الحماية والحذر، ص 25، 26.
(4) مقدمة في السيرة، د. المحمود.. والقصة أخرجها مسلم، ح/ 1766.
(5) انظر: كيف نكتب التاريخ الإسلامي، محمد قطب 81.
(6) مقدمة في السيرة النبوية، د. عبد الرحمن المحمود. (مخطوط).
(7) انظر: كيف نكتب التاريخ الإسلامي، لمحمد قطب : 81.
(8) كتاب: السيرة في القرآن، لمحمد عزة دروزة، في مجلدين كبيرين، وحيد في بابه، ولا يخلو من ملاحظات، فلا يزال المجال شاغراً.
(9) أخرجه الخطيب البغدادي في الجامع، الجزء الثامن (2/ 224).
(10) انظر: السنة ومكانتها في التشريع، للسباعي: 344.
(11) في إسنادها: مـحمـــد بن سعيد الحراني، قال ابن حجر: شيخ (التقريب : 848)، وقال النسائي: لا أدري مــا هـــو (التهذيب 5/113) "فروايته لا يحتج بها، وإنما تكتب للاعتبار، وذلك إشعار ضعف" (مرويات غزوة بدر، باوزير: 34).
(12) الجامع للخطيب 2/224.
(13) انظر: فتاوى ابن تيمية: 13/346، والبرهان للزركشي: 2/651، والإتقان للسيوطي: 2/228.
(14) ولا يفهم من هذا رد أحاديث الآحــاد في باب الاعتقاد فهو خلاف منهج أهل السنة، مقدمة في السيرة، د. المحمود.
(15) السيرة، للعمري: 1/40، وانظر التزامه هذا المنهج في مقدمته، ص 19.
(16) السابق: 1/41.
(17) انظر: تحقيق مواقف الصحابة، لأمحزون: 1/98 - 100.
(18) العمري، مصدر سابق: 1/20.
(19) التاريخ الإسلامي مواقف وعبر، د. عبد العزيز الحميدي، 1/ 28ـ 35.
(20) انظر: صحيح مسلم، ح/ 2770، شرح النووي، 17/156.
(21) منـهـــاج السنة النبوية، 8/105، ولابن تيمية قاعدة للتمييز بين الصدق والكذب في المنقولات في غـايــــة الأهمية تجدها في منهاج السنة، 7/34 ـ 43، 7/ 419 ـ 479، وقد أنشأ (صادق عرجون) في كتابه: (خالد بن الوليد) نموذجاً محسوساً لمنهج النقد التاريخي جدير بالمطالعة. وقد نـاقــش فيه عدداً من الحوادث التي اضطربت فيها الروايات والآراء
مناقشة عقلية، وحاكمها محاكمة دقيقة. انظر مثلاً: ص: 265 - 279.
(22) د. العمري: 1/12ـ 17.
(23) ولقد رد الغزالي في (فقـه السيرة ص: 10) رواية البخاري في أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا بني المصطلق وهـم غــارُّون، بناءاً على أنه لا تجوز مباغته العدو إلا بعد إنذاره، مع أنه يجوز ذلك مع من بلـغـتـهــــم الدعوة. انظر: مناقشة لطيفة لرأيه في: أضواء على دراسة السيرة، للشامي: 44-46.
(24) د. العمري، مصدر سابق: 1/17.
(25) أبو شهبة، في السيرة النبوية: 1/26.
(26) انظر: صنيع د. العمري في السيرة: 1/20.
(27) مقدمة في السيرة، د. المحمود.
(28) انظر أضواء، للشامي، 36.
(29) فقه السيرة، ص 5.
(30) انظر: محمد رسول الله صلى الله عـلــيــــه وسلم، مدخل لدراسة السيرة النبوية، د. محمد الغمراوي، ص 15.
(31) ذكـره ابــن حـجـر في المطالب العالية المسندة: 4/420 (ح 4303) وقال: هذا حديث صحيح.
(32) أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء، ح/ 3445، (فتح 6/ 551).
(33) انظر أضواء، للشامي: 36، 37.
(34) انظر: محمد قطب، مصدر سابق: 59 ـ 72.
(35) انظر: الشامي: مصدر سابق: 39.
(36) د. العمري، في السيرة: 1/14 -15.
(37) الطيب برغوث، في منهج النبي صلى الله عليه وسلم في حماية الدعوة: 45.
(38) محمد أبو شهبة، السيرة النبوية: 1/17.
(39) انظر: الطيب برغوث، مصدر سابق.
(40) طه جابر العلواني، في مقدمته للسابق: 36 ـ 37.
(41) مـن المحـاولات الجيدة في هذا الصدد: كتاب منهج النبي صلى الله عليه وسلم فـي حماية الدعوة، للـطـيـب برغــــــوث، وكتاب في السيرة النبوية.. قراءة لجوانب الحماية والحذر، د. إبراهيم علي.
(42) انظر: عمر حسنة، مصدر سابق: 27.
(43) د. محمد سعيد البوطي، في فقه السيرة: 21، 41.
(44) أخرجه الخطيب في الجامع، الجزء الثامن: 2/ 252.
(45) المصدر السابق.
(46) انظر كلاماً قيماً لابن القيم في زاد المعاد، 4/ 69 ـ 70.
(47) أخرجه الحاكم في المستدرك، 3/ 358، وقال: صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي . وأخرجه البيهقي، 8/208، وابن سعد في الطبقات، 3/249.
(48) كما في الحديث الذي رواه البخاري، ح 4101 ( الفتح 7/456 ).
(49) عمر عبيد حسنة، مصدر سابق: 29 ـ 32.
(50) معالم أصول الفقه عند أهل السنة،محمد الجيزاني:127 ـ 132. وفي تفصيل الموضوع رسالة قيمة في أفعال الرسول، د. محمد الأشقر. وانظر: أفعال الرسول، للعروسي.
(51) انظر: كيف نكتب التاريخ الإسلامي، محمد قطب: 81.
(52) انظر: عمر عبيد حسنة، مصدر سابق: 21 ـ 23، 28 ـ 29.
(53) ذكره أحمد بن عبد الله الطبري في الرياض النضرة في مناقب العشرة،2/45،1/451، وقال: "خرجه النسائي بهذا اللفظ، ومعناه في الصحيحين"، ولم أقف عليه.
(54) مقدمة في السيرة، د. المحمود.
(55) طه العلواني، مصدر سابق، 27، 28.
(56) انظر: السابق، 26.
(57) انظر: عمر عبيد حسنة، مصدر سابق: 24 ـ 25.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home