Wednesday, July 21, 2010

فيديو نادر جدا للشيخ الحصري

Monday, November 17, 2008

ofabdo

Saturday, April 01, 2006

ofabdo

ofabdo

ofabdo

Monday, January 30, 2006

تنظيم الوقت

من المهارات التي أدرسها وأقرأ عنها كثيراً، وأحاول ممارستها وتعليمها لكل شخص، مهارة تنظيم الوقت، ويتبادر في ذهن المرء أن تنظيم الوقت معناه أن نجعل حياتنا كلها جادة لا وقت للراحة، بالطبع هذا المفهوم خاطئ، لذلك كتبت هذه المقالة لتوضيح مبادئ أساسية حول تنظيم الوقت. في البدء هل تنظيم الوقت جملة صحيحة؟ كلا! لأن الوقت منظم أصلاً، فالدقيقة مقسمة 60 ثانية، والساعة تساوي 60 دقيقة واليوم يساوي 24 ساعة وهكذا، إذاً الوقت مقسم ومنظم تنظيماً جيداً، إذاً هل نسميه إدارة الوقت؟ أيضاً لا، لأن الوقت لا يدار ولا يمكننا أن نتحكم بالوقت ونجعل من اليوم مثلاً 36 ساعة بدلاً من 24، إنما الوقت يديرنا، لنسميه إدارة الذات لأننا نستطيع أن ندير أنفسنا من خلال الوقت وليس العكس، والوقت هو من أندر الموارد فهو لا يعوض، ولا تستطيع أن تخزن الوقت أو تشتريه!! لذلك الوقت هو الحياة، واسمحوا لي أن أستخدم لفظ تنظيم الوقت لدلالة على المعنى المطلوب وهو إدارة الذات. الناس من حيث تنظيمهم للوقت صنفان، فمنهم من ينظم وقته ومنهم من لا يفعل ذلك، أما من ينظم وقته فمنهم من يكون فعالاً ويستفيد بشكل كبير من تنظيمه للوقت، ومنهم من لا يستفيد من تنظيمه للوقت وتراه مشغولاً في طاحونة الحياة، يكدّ ويعمل بلا راحة، أما من لا ينظم وقته فإما أن يحس بالملل لأنه لا يعرف ماذا يفعل في فراغه الكبير، أو أنه متخبط في أعمال قليلة الأهمية. وهنا دعوني أعرّف من هو الفعال في تنظيم وقته: هو الشخص الذي يحصل على النتائج المطلوبة في الوقت المتاح. إذا بدأ أي شخص بتنظيم وقته بطريقة فعالة فسيحصل على نتائج فورية، مثل زيادة الفعالية في العمل والمنزل، تحقيق الأهداف المنشودة بطريقة أفضل وأسرع، يقلل من المجهود المبذول، بالتالي يجعلنا أكثر راحة، وستلاحظ أنك بدأت بالتفوق على نفسك وعلى غيرك أيضاً في مجالات عدة. كما ذكرت في البداية البعض يضن أن تنظيم الوقت يعني الجد بلا راحة، سأوضح الآن كيف أن تنظيم الوقت يعني المزيد من السعادة والسيطرة على الظروف المحيطة بنا بدلاً من أن تسيطر علينا وتحرمنا السعادة. الأعمال تنقسم إلى عدة أقسام، فهناك أعمال ملحة ومهمة في نفس الوقت وهذا ما يسمى بالمربع الأول مربع إطفاء الحرائق!! وهناك أعمال غير عاجلة لكنها مهمة وهذا ما يسمى بالمربع الثاني مربع التركيز على الجودة والقيادة، لأنه يتضمن أنشطة وقائية تعزز القدرة على الإنتاج وإقامة علاقات وتنميتها والتخطيط والترويح عن النفس، وإذا مارسنا هذه الأفعال ستتقلص الأزمات أو الحرائق وتبدأ في اكتشاف أرض رحبة من الفرص الحقيقية التي تحقق لك الإنجازات والأهداف، وتبدأ في اختيار أهم الفرص لتحقيق أهدافك، بهذا تبدأ العمل بتلقائية وبدون تكلف وتحافظ في نفس الوقت على مواعيدك وأعمالك، ولنأخذ أمثلة على أفعال من المربع الثاني، فهناك قضاء وقت أسبوعي خاص للعائلة، سواءً في الرحلات أو اللهو البريء وذلك لتعزيز العلاقة بين أفراد الأسرة، تعلم هوايات ومهارات جديدة تحبها، أخذ استراحة أو قضاء إجازة لتعود بروح أكثر نشاطاً وحيوية، زيادة المعرفة في علوم معينة من خلال القراءة، أداء أعمال تطوعية إذا كان هذا من ضمن أهدافك. هذه مقدمة لتساعدك في أخذ زمام المبادرة وتبدأ في التفكير الجدي حول حياتك وكيف تديرها وتقودها نحو ما تهدف إليه، وحتى تنظم وقتك يجب عليك أن تكون صاحب أهداف وتخطيط، وإن لم تكن لديك أهداف فلا فائدة من تنظيم الوقت، فتنظيم الوقت يقوم على أساس وجود أهداف ننظم الوقت من أجلها.

الإدارة العلمية

مؤسس الإدارة العلمية هو فريدريك تايلور (1856 - 1915) وكان يعمل مهندساً بإحدى الشركات الصلب في الولايات المتحدة الأمريكية، ونشر تايلور أفكاره في كتاب "الإدارة العلمية" عام 1911، وأوضح أن الهدف الرئيسي للإدارة هو الحصول على أكبر قدر من الرفاهية لصاحب العمل والعمال. وركز تايلور على الجانب الفني من العمل ولم يعتني بالجانب البشري على الرغم من إدراكه لأهمية هذا الجانب، وكانت الفكرة الرئيسية لمدرسة الإدارة العلمية أنه يمكن تحقيق زيادة الإنتاجية عن طريق اتباع اسلوب علمي فوامه التخصص والتدريب الفني وتحليل العمل إلى جزئياته ودراسة كل جزئية على حده حتى تحدد حركاته الأساسية والزمن الذي يستغرقه أداؤه، وتصميم المصنع بالشكل الذي يضمن انسياب الخامات للآلات وتحرك العامل لأداء واجبه. وتتلخص مفاهيم الإدارة العلمية في الآتي: احداث ثورة عقلية لدى الإدارة العلمية والعمال، واحلال الأساليب العلمية محل المفاهيم القديمة. استخدام الطرق العلمية في اختيار وتدريب العمال. العمل على توفير جو من التعاون بين العمال والإدارة. التركيز على وظيفة التخطيط وفصلها عن وظيفة التنفيذ. تطبيق مبدأ التخصص في وظائف الإشراف. وقوبلت الإدارة العلمية بمقاومة عنيفة وخاصة من النقابات العمالية. ومن سلبيات هذا الأسلوب في الإدارة: أن تايلور تعامل مع الإنسان كتعامله مع الآلة وتجاهله للعلاقات والمشاعر الإنسانية. اعتباره أن زيادة الأجر هو المحرك الرئيسي لرفع مستوى الأداء. مطالبته للعمال بأداء معدلات مرتفعة من الإنتاجية دون مقابلتها بأجور أعلى. حصر تايلور اهتمامه بالمستوى التشغيلي للمصنع وإغفاله النواحي الأخرى في العملية الإدارية.

mosaique

mosaique

أنت صاحب القرار

كثيرون هم الأشخاص الذين يجعلون حياتهم نسخة أخرى من حياة أشخاص آخرين، يستمعون لكلامهم ويقتنعون به، وينسون أو يهمشون ذواتهم وشخصياتهم، هؤلاء الناس لا يملكون حياتهم، لذلك هم يسيرون في طريق الفشل، لأن جعلوا همهم إرضاء الطرف الآخر على حساب النفس. ولنضرب أمثلة واقعية على ذلك، منها عندما يصل الإنسان إلى مرحلة الدراسة الجامعية، فيجد أن كل شخص ينصحه بالذهاب إلى الكلية الفلانية، أو التخصص الفلاني، وقد يقوم الوالدين بالضغط عليه وإجباره على الدخول إلى كلية معينة (هندسة أو طب أو إدارة الأعمال كالعادة)، وللأسف هذا الشخص تأخذه نصيحة وتأتي به أخرى، فهو من جعل نفسه كقارب صغير في بحر متلاطم الأمواج. هذا الشخص لم يفكر في نفسه، لم يسأل نفسه، أنا ماذا أريد؟ وبالتأكيد سيسأل نفسه هذا السؤال بعد أن يفيق على واقع مر، وقد تكون هذه الاستفاقة بعد تخرجه أو في منتصف دراسته، لكن بالتأكيد ستأتي متأخرة، سيندم كثيراً لأنه يعمل في مجال لا يحبه. سيحزن لأنه حاول إرضاء الآخرين. مثال آخر وهو أكثر خطورة من سابقه، اختيار الزوج، تفرض بعض العوائل على أبنائها (سواء الذكور أو الإناث) زوج معين، كأن يقولون البنت لابن عمها، أو يجبرون الرجل على الزواج من البنت الفلانية لأنها ذات صلة أو قرابة بالعائلة. أستغرب من أمرين، الأول من محاولة الأهل إجبار الإبن على زوجة معينة، لا أدري من سيعيش مع هذه الزوجة، العائلة أم ابنهم؟ الثاني رضوخ الكثير من الأبناء لضغوطات العائلة مع أن الشرع يشترط الموافقة والقبول من طرفي الزواج. إن من يريد حياة سعيدة يجب أن يكون صاحب قرار نفسه، وإلا ستصبح حياته عبارة عن ورقة "يشخبط" عليها من هب ودب، ثم يصبح شخص صفر في الحياة، وسيندب حظه، وللعلم أن تتخذ قرارك بنفسك وتخطأ ثم تصلح خطأك خير من يجعلك الآخرين تخطأ طوال حياتك.

aya


c moi qui créer

voila une de mes toffs

الإبداع 2

الوقت الابداعي.
ويقصد بالوقت الإبداعي؛ ذلك الذي يخصص لعملية التفكير والتحليل والتخطيط المستقبلي، أو ذلك الذي يصرف في تحسين وضع الأداء وتطوير الإنجاز، أو ذلك الذي نحقق منه مرابح أفضل.. وليس بالضرورة أن يكون الإنجاز فورياً، لأن الوقت الذي يصرف لأجل ضمان المكاسب في المستقبل، كحل أزمات أو تقويم ارتباطات أو تكوين روابط وعلاقات، هو أيضاً وقت إبداعي. والملحوظ أن أفضل الإنجازات الإدارية تتحقق في هذا الوقت، كما أن المدراء الناجحين يحققون أفضل نجاحاتهم فيه، خصوصاً إذا أعطوا الوقت الكافي لكل عمل أو فكرة أو مشروع.. ففي دراسة أجراها (129) عالماً بمركز القيادة الإبداعية في جامعة برانديز، تبين فيها أن أكثر معوقات الإبداع تعود لعدم توفر الوقت، أي إن الوقت غير كاف لهذا الإبداع، أو إن عبء العمل كثيف جداً، فقد قال أحد المشاركين في الدراسة: (عندما ترزح تحت عبء مشكلة ما، ويطلب منك إيجاد شيء جديد في وقت قصير، فإنك تبدأ بالبحث عما أنجز من قبل، والحقيقة أن الأمور الجديدة لا تأتي تحت الضغط) . إذن ينبغي إعطاء الوقت الكافي لكل ما نريد تحقيقه حتى نضمن النجاح الباهر فيه. إن أجمل ما في التفكير المبدع هو أنه يعبر عن قوة الرؤية المستقبلية، ويعطي أصحابه ملكة جيدة على التنبؤ بالقادم، أو القدرة الذهنية والفكرية على إيجاد الترابط والاتصال بين أجزاء الأعمال والخطط المختلفة. وتتمثل هذه الملكة بموهبة رؤية الذات بشكل منطقي ومتوازن ثم رؤية الغير كذلك.. بلا إفراط أو تفريط ولا غرور أو تهاون. إن الدراسات المطبقة في التطوير الذاتي تعترف بالملكات والمواهب والقدرات الإبداعية لدى الأفراد بشكل أحادي أو جماعي، لأنها في مجموعها تشكل جوهر القيادة الذاتية الخلاّقة التي تتكون من ملكات أو قدرات أربع هي: 1- رؤية الذات رؤية تحليلية قويمة تشخص أمراضها وتضع معالجاتها وتتعرف على نقاط قوتها ومكامن ضعفها. 2- الضمير النزيه، ويمثل جوهر الالتزام بالقيم الإنسانية ومكارم الأخلاق والجوانب النبيلة التي تبني شخصيات الناجحين في الحياة والمجتمع. 3- الإرادة المستقلة، وتمثل قوة العزم والتصميم والحسم في التنفيذ بلا ميوعة أو تردد أو تهاون، وهي أكبر قدرة يمتلكها كل إنسان لدى مصارعة الحياة للحصول على ما يريد. 4- الخيال المبدع؛ وتمثله قوة العقل المتمثلة بدورها في التفكير الإيجابي والتأثير النفسي على اكتشاف مناطق الفراغ وملئها بالفكرة أو الخطة أو الإنجاز المناسب. ومن ذلك تأتي الأجواء التسامحية التي تبديها الإدارة في زمن الإخفاق لتساعد على المزيد من الموفقية والنجاح؛ من هنا يرى العديد من مدراء الشركات والمؤسسات الابتكارية أن وضع علامة واحدة للفشل يمكن أن تصم بها الأفراد حينما يفشلون في تجربة أو مشوار أو تحسبها عليهم نقصاً يمكن أن يذكروا به أو يؤاخذوا عليه، يجعل الأفراد يترددون في السعي والبحث لاكتشاف الفرص الأفضل وبذل المزيد لأجل التطوير والخلاقية. إن الكثير من الأفراد يكونون مبدعين إذا وجدوا أجواء مشجعة لذلك، وهذا لا يتم إلا إذا كانت الأجواء تسامحية والميدان مفتوحاً للتنافس الحر، أما الأجواء المغلقة أو الصدور الضيّقة والحساسة تجاه الخطأ أو الفشل، فإنها لا تجيد أن تصنع من أفرادها عناصر مبدعة وخلاّقة، لأن القليل من الأفراد يعملون بروح الفاتح العظيم لما تتطلبها هذه الروح من نبوغ وشدة بأس وقوة وتصميم وإرادة وصدر رحب لتحمل الأعباء ومواجهة المشاكل والانتكاسات، والقليل من الأفراد يتحلون بهذه الدرجة من الصبر والمثالية. لذا ينبغي أن نؤمن بأن جميع الأفراد مبدعون إذا وجدوا أجواء لذلك والعكس صحيح، على أي حال فإن الملكات الإبداعية تنمو إذا وجدت التربة والمناخ الصالحين وتموت في غيرهما.. كما أن تعاضد هذه العناصر والملكات وانسجامها يكوّن الشخصية القيادية للفرد المبدع، سواء كان إبداعه على مستوى الفكر والتخطيط، أو على مستوى العمل والإنجاز، أو على مستوى السلطة الروحية وقدرة النفوذ والتأثير. فإذا اجتمعت هذه طرّاً في مؤسسة أو جماعة، فإنها كفيلة بتسليمها زمام الإبداع وزمام القيادة معاً مما يجعلها في قمة الحياة لا في سفوحها
اكتشاف العناصر المبدعه .
إن الابتكار والإبداع شكل راق من النشاط والخلاقية الإنسانية وقد أصبح منذ الخمسينات من القرن الماضي مشكلة هامة من مشكلات البحث العلمي في العديد من الدول والمؤسسات.. فبعد أن حلّت الآلة في المصانع والإدارات والمؤسسات لم تعد الحاجة إلى العضلات البشرية بتلك الأهمية وإنما نحت الضرورة إلى الطاقة المفكرة الخلاقة إذ تجاوزت تقنيات الآلة الزمان والمكان في السرعة على الإنجاز في المصانع والشركات الصناعية والتجارية فضلاً عن الإتقان والجودة كما تجاوزت معرقلات التواصل والارتباط ونقل المفاهيم والمؤثّرات في المؤسسات البشرية والفكرية.. بما جعل الاستغناء عن الكثير من الطاقات والكفاءات العضلية والوظيفية أمراً طبيعياً.. وفي المقابل ازداد الطلب أكثر فأكثر على النشاط الابتكاري والإبداعي الفذ فبات من الضروري على كل مؤسسة إيجاد قدرات خلاّقة في أفرادها تعينها على مواكبة التطور السريع كضرورة اهتمامها في تطوير القدرات المبدعة لبذل المزيد حتى تبقى في القمة دائماً.. وهذا ما يدعو إلى اكتشاف العناصر الخلاقة المبدعة في كل تجمع وجماعة فإن كل جماعة لا تعدم أن توجد بين عناصرها العديد من الطاقات الخلاقة ولكن في مرحلة الولادة أو الكمون فتحتاج إلى الفرص المناسبة والرعاية الكافية حتى تولد وتنمو وتكبر وتأخذ موقعها في مجالات العمل المختلفة.. ومن هنا ينبغي - دائماً - التوجّه إلى صفات الأفراد وخصوصياتهم لاكتشاف الطاقات المبدعة فيهم حتى لا نحرمها من العناية ولا نحرم العمل من فرص أفضل للتقدم.. وتتمثل صفات المبدعين بجملة من المظاهر في السلوكيات والأنشطة اليومية في البيت ومكان العمل والشارع والنادي وغيرها من مواقع النشاط وقد حدّد بعض علماء النفس الصفات الإبداعية في الأفراد في عدّة مظاهر نذكر منها ما يلي: 1- النهم إلى المعرفة والاستطلاع الشخصي وفي التجمّعات يميل المبدعون غالباً إلى الفضول الإيجابي والبحث وعدم الرضا عن الأوضاع الراهنة طلباً للتجديد والتطوير.. 2- الالتزام بهدف سام والتفاني في العمل من أجل الوصول إليه.. 3- القدرة على تقديم الأفكار والاقتراحات المقنعة أو الخطط البديعة.. 4- التلقائية والمرونة في التعامل والثقة في النفس في العلاقة مع الأفراد والتعاطي مع الأزمات. إن العمل الجاد يعتبر متعة لدى المبدعين وذلك لقوة الشعور لديهم بإنجاز شيء ما حتى يخلّدوا أنفسهم وينزعوا الاعتراف من المجتمع بجهودهم ومكانتهم فضلاً عن تحقيق الأهداف، وهنا تكمن أبرز مظاهر الإبداع والخلاقية.. كما تكمن أهمية الرعاية والترشيد فإن الفرد المبدع عصامي يعتمد على قدراته وكفاءاته في تحقيق النجاحات لا عظامياً يعيش على عظمة الآخرين ويستفيد من جهودهم. لذلك فإن من حقه علينا أن نرعاه ونرشده لكي يبدع وينتج.. 5- تشجيع تبادل الرأي والمشاركة فيه والنقد الذاتي.. ويتنزه الفرد المبدع في الغالب عن السلبية والتزلّف والنفاق، لأنها مساوئ تتنافى مع شعوره بالثقة وتفكيره المتحرّر وطموحه العالي إلى الكمال وتحسين الأوضاع وتوجيهها إلى الأفضل.. لذلك فإن المبدعين في الغالب يتسمون بالصدق والبحث عن الحقيقة. فيرفضون مواراتها أو تجاوزها فقد ينتقدون المستويات الأعلى إذا وجدوا خللاً في أدائهم أو سلوكهم كما يطرحون البدائل الإيجابية ويساهمون فيها فلا يكتفون بالنقد لمجرّد النقد بلا تفاعل ومشاركة في تحسين الأوضاع.. كما لا يبطنون شيئا ويظهرون خلافه.. لأن هذه صفات تنشأ من النقص والعجز وهو أمر يتنافى مع الإبداع. نعم قد يتصف بعض المبدعين بعدم الحكمة أو الخلل في التدبير في مجالات العمل أحياناً لقلة التجربة ونحو ذلك.. وهذا أمر طبيعي ويمكن أن يقع في كل مؤسسة لذا فإن المنطق السليم يفرض على القائمين السعي الدائم لوضعهم في صور بعض الأعمال والاستفادة من آرائهم حتى ينضجوا كأفراد مبدعين كما نضمنهم كأصدقاء وعناصر إيجابية صادقة في العمل. 6- قراءة الماورائيات لدى الاستماع إلى محاضرة أو خطبة أو قراءة فكرة ومراقبة عمل أو سلوك.. وعدم الوقوف إلى حدّ الظاهرة من دون تحليل وتعمّق. 7- الاستقلالية.. إذ أن المبدعين يتميّزون - في الغالب - بالتحرّر من النزعة التقليدية والتصورات الشائعة ليس حباً بالخروج عن المألوف دائماً بل لتطلّعهم الدائم وطموحهم العالي في التفكير والتعبير ورسم الأهداف ومن الواضح أن لبعض التقاليد والنمطية أهميّتها وحكمتها التي تستدعي احترامها وعدم تجاوزها. وفي نفس الوقت قد تتحكم بعض النمطيات الجامدة في علاقات العمل فتشكل مانعاً قوياً أمام الطاقات الإبداعية، لذلك فإن الأفضل هو مراعاة الإبداع بمشاركته في الأدوار العملية حتى يختمر أكثر بالتجارب ويصبح أكثر إنتاجاً وأفضل ثماراً، فإن للتجربة والخبرة الدور البارز في صياغة عقلية المبدعين الناجحين وإضفاء سلوكهم بالمزيد من التدبير والتوازن.. لكي لا يشطوا عن الأعراف الصحيحة والتقاليد القيّمة. وهذا هو الذي نقصده من الاستقلالية أي استقلالية إيجابية وبنّاءة.. تقود المجتمع إلى المزيد من التطور والرقي. أما الشذوذ عن الأعراف الصحيحة فهو خروج عن المألوف ولكن في بعده السلبي وهو مرفوض ويؤدي في الغالب إلى عزل أصحابه عن المجتمع ويصبح دورهم عديم التأثير، إن الفرد المبدع لا يمكن أن يكون منقاداً لأنه إنسان قوي الشخصية متمرّد في أغلب الأحيان على القيود الحديدية وعلى المعايير النمطيّة الجامدة للجماعة.. لذا قد يتّسم بعدم النظامية وتجاوز المقرّرات وإن كان في الواقع لا يريدها أو يهتم لتغييرها إلا أن روحه المتطلّعة وتفكيره المتفوّق يحدوان به إلى الأسبقية في كل شيء وحقاً أن الفرد المبدع قد تضيّعه اللوائح الجامدة والعلاقات الروتينية الصلبة.. والإنصاف أن كلا النمطين من الأفراد صاحب حق في مجاله لأن الإداري يهتمّ للمزيد من النظام والتسلسل المنطقي في العمل وهذا قد يخرّبه المبدع في تحرّره ولكن في نفس الوقت فإن تقييد المبدع بروتين وقواعد إدارية مغلقة قد تكبت فيه المزيد من الطاقات والتطلّعات وهذا خسارة للجميع. ولعلّ أفضل طريقة للجمع بين الأمرين هو تحرير الطاقات المبدعة في أعمال أكثر تحرّراً وانفتاحاً من الأعمال والوظائف التي تقوم على قواعد العمل ونظام الإدارة فإن في هذا تسوية للمشاكل مع الأفراد الإداريين الذين اعتادوا على النمطية في إنجاز الأدوار. في نفس الوقت كسب المزيد من الإمكانات والفوائد التي يعود عليها الفرد المبدع إلى العمل. 8- القدرة العالية على تفهّم المشكلات ومناقشتها بسعة صدر والتعامل معها بإيجابية وحكمة فلا تعود الأزمات المستعصية على المبدعين بالإحباط أو الشعور بالفشل والنقص في أغلب الأحيان.. بخلاف الكثير من الأفراد الذين تزيدهم صلابة الأزمات تراجعاً ونكوصاً إلى الوراء أو شعوراً شديداً بالإحباط فينهزمون في ذواتهم أولاً ثم أمام خصومهم ومنافسيهم.. بينما التطلّع إلى الإصلاح وتغيير الأوضاع تفجر طاقات المبدعين فتجعلهم أكثر تفكيراً وتخطيطاً للمعالجة، وطبعاً فإن الذين يقودون أممهم إلى التحرير ويضعون جماعاتهم في القمم هم المبدعون لما لهم من وعي وإدراك وإحساس مرهف وحماس متدفق يؤرقهم من وطأة المشاكل وانعكاساتها لذا فإنهم يشعرون وكأنهم هم المسؤولون عن حلها ونظراً لما يملكه المبدع من ثقة والتزام في حل المشكلات حتى ولو استلزم ذلك خسارة له، فإنه سيكون مساهما حقيقياً في الحلول. 9- وضوح الرؤية وصلابة الموقف وثبات القدم.. إن الشخصيات المبدعة تنظر إلى الزمن كمورد إنتاجي يجب استثماره في تحقيق المزيد من الفتوحات والانتصارات وتنظر دائماً إلى الأمام للسبق والتقدم ولا تجعل للماضي أو الحاضر قيوداً عليها.. إن بعض الأفراد يعيش في قيود الماضي وأزماته وآخرون يعيشون في قيود الحاضر وأزماته فينشغلوا في هموم اليوم متناسين آمال الغد وهذا خطأ كبير يعود عليهم بالفشل في آخر المطاف وكم من الأفراد المهمّين الذين شعروا بمرارة الندم على فترات مهمة من حياتهم مرّت، كان فيها المزيد من الفرص الثمينة لم يستثمروها وانشغلوا بالهوامش وتوافه الأمور ولكن الندم بعد فوات الأوان لا ينفع ولا يعود عليهم بالفرج من جديد بينما الأفراد المبدعون ينظرون دائماً إلى الأمام ويعيشون الأولويات القصوى فيمسكون بها ومن بعد ذلك تحظى الأمور الأخرى ببعض العناية، وأنت ترى أن مجمل هذه الصفات وغيرها تصوغ الشخصية الخلاقة والمبدعة القادرة على المساهمة في التطوير والرقي.. ولعلّ شخصاً واحداً مبدع ينفع المؤسسة ويساهم مساهمة فعّالة في إيصالها إلى النجاح كما أن انعدامه قد يصيبها في الفشل خصوصاً في أوقات الأزمة.
مقــــوّمـــــات الإبــــداع
إن المؤسسات الأفضل هي التي تكون قادرة على الابتكار والتجديد على أسأس نام ومتطور، والمدراء الأفضل هم الذين يكونون قادرين على مساعدة الأفراد والاستفادة من مواهبهم الإبداعية.. وعلى هذا فإنه ينظر إلى الابتكار على أنه عملية إيجاد وخلق الأفكار الجديدة ووضعها في الممارسة الصحيحة ونعني بها: - أن تحدّد طرقاً لعرض الأفكار والخطط بحيث تقنع الآخرين. - وإيجاد أفكار جديدة تساعد المؤسسة على أن تكون في وضع أفضل. - كما تكون بدرجة من المنطقية والتوازن بحيث تلقى التجاوب الأمثل من العاملين والمدراء وتحفّزهم لاستثمار قدراتهم ومواهبهم لتحقيق الأهداف. وهذا ما يستدعي التأكيد على أهمية استثمار الأفكار البناءة لدى الفرد في تحريك مواهب الآخرين ومهاراتهم بشكل يخدم الجميع وهذا ما لا يتمّ إلا إذا توفّرت المقوّمات الأساسية للابتكار وارتفعت معرقلاته.. - وتتلخص مقوّمات الابتكار في عدة أمور من أهمها: 1) الانتماء الروحي للمؤسسة.. ونعني به شدة الارتباط بالمؤسسة حتى تصبح مهامها جزءاً من مهام الفرد نفسه فيصيبه ما يصيبها من نفع ومن ضرر. إن الشعور بالانتماء الروحي للجماعة أو المؤسسة هو شعور جميل إذا كان متوافقا مع الحق والمنطقية.. وهو الذي يساهم في الإبداع أما إذا صار هذا الشعور نوعا من التعصب والتحزّب فهو أمر يعود معكوسا وينقلب إلى الضرر أكثر من النفع. ويعتبر الشعور الوطني العميق في نفوس المواطنين من أهم الدوافع نحو الإبداع والخلاقية في زمان السلام، والدفاع والحماية والتفاني في زمان الحرب وهو الآخر نوع من الإبداع والخلاقية.. وهكذا الأمر يصح في الانتماء القوي للأسرة والجماعة.. فالشعور الشديد بالانتماء يساهم مساهمة كبيرة وفعالة في دفع الأفراد نحو الابتكار والخلاقية. وعلى سبيل المثال تعد اليابان مجتمعاً ومؤسسات مثالاً حياً لهذا المفهوم فقد تمكنت اليابان من الاستفادة من هذه القيمة الإنسانية وتسخيرها في زيادة إخلاص الفرد أياً كان موقعه في العمل فتمكنت أن تحظى بقمة في التقدم الصناعي والتقني في فترة قياسية بعد الحرب العالمية وبعد أن حطمتها القنابل الذرية الأميركية. وعلى العكس من ذلك فإن الشعور باللامبالاة يفسر تخلف الكثير من الدول النامية حيث لا يفكر الفرد إلا بالطرق التي تمكّنه من تحقيق رغباته وطموحاته الشخصية على حساب المؤسسة التي يعمل فيها والدائرة التي ينتمي إليها - في الغالب -. ومن الواضح أن هذا ليس ذنب الأفراد بل ذنب أنظمة الحكم السائدة في تلك الدول.. لأن الديكتاتورية المستشرية في العالم النامي والثالث تعلّم أبناءها على المصلحية والأنانية الفردية وتجعل الانتماء الوطني فيهم أضعف من الانتماء للذات وذلك لأن الديكتاتورية تحوّل البلد والشعب إلى بستان يملكها الحاكم ويجبي خراجها وأكلها كل حين من أجل نفسه وأفراده وأسرته ويجعل الآخرين تحت وطأة التخلف والفقر والأزمات . ومن المعلوم أن هذه العقلية والمفهوم تضعف من حسّ الانتماء الشديد للوطن في مقابل الانتماء للنفس فيصبح منطق الأنانية والمصلحية فوق الجميع.. وتسلسل الانتماء يبدأ واسعاً بسعة الوطن ثم يتضائل حتى يعود على الشخص نفسه وحينئذٍتصبح الاثرة هي الحاكمه ، فالأهم مصالح الوطن ثم يتلخص الوطن في العشيرة أو الأسرة ثم تتلخّص مصلحة العشيرة والأسرة في جماعة الرئيس ثم تتلخّص مصالح هؤلاء أيضاً في الرئيس نفسه فتصبح المعادلة هكذا: الوطن = الرئيس والرئيس = الوطن وليذهب المواطنون إلى ما يريده الحاكم.. وإلا فإلى الجحيم!!. ومن الواضح أن هذا النوع من السياسة من شأنه أن يحطم روح الانتماء وحب الآخرين بما يفكك الأواصر ويجعل الأفراد مصلحيين أكثر من كونهم مبدأيين. فالشعور بالانتماء أمر جوهري في تفجير الإبداع وإنمائه ما دام في خدمة المؤسسة والمؤسسة في خدمة الحق والعدالة وأما إذا انقلب إلى تعصّب وتحزب وأنانية فهو عامل هدم لا بناء. 2) العقلية العلمية في التعامل مع الأزمات.. قد يصحّ أن نقول أن زمن الأعمال الفردية والجهود الشخصية قد ولّى وانصرم، وقد أصبح اليوم مهمة الجماعة، والتنظيم المشترك أقوى من أي مهمة أخرى في الإدارة الأحسن والأبقى.. التنظيم المشترك الذي يقوم على الجهود المتكاملة لكافة الأفراد والعاملين على اختلاف مستوياتهم وتطلعاتهم.. وهذه نقطة جوهرية ينبغي الالتفات إليها في تحديد مقوّمات الإبداع إذ يجب اعتماد الطرق العلمية الصحيحة للوصول إلى الأهداف بجدارة وهذا لا يتم إلا عبر التنسيق والتكامل بين مختلف الأفراد. 3) الانفتاح على الرأي الآخر.. فإنه لابدّ للابتكار والإبداع من أجواء حرة يسودها احترام الآراء والمواقف وإن كانت تخالفنا.. والحنكة والخلاقية تتجلى في سلوكنا أكثر إذا تمكنا من ترويضها وإقناعها على التعاون والتنسيق.. فالحوار هو الذي يوصل إلى الأفضل والمفيد.. ومن هنا فإن المؤسسات الإبداعية والمدراء الخلاقون هم الذين يزيدون من فرص التفاهم ويعملون على تشجيع الأفراد إلى تطوير أفكارهم وإبداع اقتراحاتهم لتحسين ظروف العمل وفتح المجالات الأوسع للمزيد من البذل والعطاء.. أما المؤسسات المنغلقة على نفسها أو المدراء الذين لا يجدون للآخرين موقعاً بينهم ولا يحترمون آراء الآخرين فإنهم يحكمون على أعمالهم بالفشل وعلى أنفسهم بالتراجع شيئاً فشيئاً. ومن الواضح.. أن الانفتاح على الآخرين واحترام آرائهم أمر ليس من السهل قبوله أو الاعتراف به لأنه يتوقف على الإيمان بمواهب الآخرين وقدراتهم.. وهذا هو الآخر أمر صعب ما لم يؤمن أصحاب القرار بواقعية وإنصاف بهذه الحقيقة.. لقد أصبح اليوم العمل الجماعي هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الانتصارات الكبرى على أي صعيد ومعترك فإذا لا نؤمن بذلك بمنطقية فإن الواقع والتجربة والنتائج هي الحكم الفيصل الذي سيضطرنا إلى القبول بها أخيراً وحينئذٍ فإما نقبلها بسعة صدر أو تتجاوزنا المرحلة لتجد بدائل أفضل. باعتبار أن الإدارة الخلاقة هي الجهد الجماعي المتكامل فلا يمكن للإبداع والابتكار أن يظهر ويأخذ دوره في مجالات العمل إلا بتشجيع الجميع لتقديم أقصى ما عندهم من جهود وإمكانات في تحقيق الأهداف ولكي يتحقق ذلك فإنه يجب على الإدارة أن تولي الاهتمام الأكثر لتشجيع روح الفريق.. بكل ما فيه من تماسك معنوي وتعاضد في الجهود وتكامل في النشاطات وهذا يتطلب منا حقاً الإيمان بحق الآخرين في الرأي والانفتاح على الرأي الآخر والاعتراف بالحقيقة القائلة: إن الكفاءات والطاقات مواهب إلهية وزّعها ربنا تبارك وتعالى على الجميع فكل فرد منا لا يخلو من موهبة أو أكثر يتفوق فيها على غيره فإذا استغنينا عنها أو لم نشجعها نكون قد ظلمناه وبخسناه حقه كما نكون قد حرمنا المؤسسة والعمل من فرص أكثر للنجاح فضلاً عن حرمان الآخرين. وإذا جمعنا مجموع المواهب كم ستكون المحصلة في الحرمان والتراجع؟ وعلى عكس ذلك إذا جمعنا هذه المواهب المتفرقة في فريق واحد فإنه سيشكل قدرة أكبر وتكاملية أقوى على الأداء والإنجاز الناجح الخلاّق.. إن بعض المدراء السلطويين بل بعض المسؤولين وأصحاب المراكز والقرار قد تدفعهم أنانيتهم أو شكوكهم بكفاءات الآخرين ومواهبهم إلى إخفاء جهود الآخرين حتى يظهروا أنهم وحدهم المبدعون في تحقيق الإنجازات وأنهم النسخة الفريدة في البلد التي لا يضاهيها أحد في المهارة والقدرة أو أنها القدرة الأكبر التي على الجميع الإذعان لها.. متناسين أن هذه الحالة من شأنها التراجع بالمؤسسة إلى الوراء لأنها تؤثر على الروح المعنوية للعاملين فتصيبهم بالإحباط كما قد تعود على المؤسسة الواحدة بالانقسامات المتعددة وحتى إذا شكلوا فريق عمل فإنهم يحبذون الفريق التابع المقود الذي لا قرار له ولا استقلال في الرأي والتفكير.. ليكون آلة سهلة لرغباتهم وأفكارهم وحدهم متصوّرين إن هذا هو الإبداع ولو أعطوا لأنفسهم فرصة أكبر للتأمل والتفكير في النتائج وتناولوا الأمور بعقلية أن (الكل أفضل من الفرد) لوجدوا أن الإبداع الحقيقي هو في إيجاد فريق عمل واثق من نفسه وقادر على الأخذ بزمام المبادرة في تحقيق الانتصارات لأن هذا الفريق هو الأكمل والأبقى والأجدر على القيادة والرقي، وهو الذي يؤخذ في المنظور القريب والبعيد على أنه من آثار الخلاقية والإبداع التي يتصف بها المدير الذي أوجده وأسسه وساهم في تفعيله في ميادين العمل.. إن الإداري المبدع هو الذي يرى جهده متكاملاً مع الجهود التي يقدمها الآخرون ويرى في إنجازات الآخرين إنجازات للمؤسسة وإنجازات المؤسسة في المحصلة النهائية هي إنجازات الجميع.. 4) البعد الإنساني في التعامل مع الأفراد.. لا شك أن الإنسان هو جوهر الإبداع والابتكار وتتحقق الفرص الأكبر للإبداع في ظل الاهتمام المتزايد بالأبعاد الإنسانية في التعاطي الإداري مع الأفراد.. فإن الأفراد هم أدوات الابتكار الحقيقية كما هم أدوات تحقيقه وتطبيقه بأسلوبه الأمثل.. فكلما زاد الاهتمام بهم وشعروا أنهم محل اهتمام الإدارة كلما تماسكوا أكثر وشعروا بشدة بالانتماء إلى المؤسسة والعمل فاجتهدوا أكثر فأكثر لتحقيق المزيد من الإنتاج وتقديم الخدمات في مستواها الأرقى.. إن من أهم العوامل المساعدة التي تجعل من الابتكار داخل المؤسسات ظاهرة متأصلة وراسخة هو المظاهر الإنسانية في التعاطي مع الأمور.. لأن سلامة المؤسسة وقوتها من سلامة أفرادها وقوتهم.. ولا تتحقق أهداف المؤسسة المرسومة إلا إذا صيّرت أفرادها هادفين حتى يتجاوزوا الهامشيات وينشغلوا بالجذور.. وهذا أمر يتطلب أسلوباً خاصا بالإدارة هو ما يطلق عليه (الإدارة بالأهداف) ويراد منه: السعي الحثيث لتحقيق أهداف المؤسسة من خلال التركيز على الطاقة البشرية والروح الإنسانية في العاملين لرفع مستوى التزام العاملين بالأهداف ومشاركتهم الفعلية في تحقيقها
معــــوقــــات الإبــــداع
إن كل عمل لابد أن يواجه صعوبات كثيرة تعيقه حتى يولد وحتى ينمو ويتكامل فعليه أن يتجاوز الكثير من ذلك بروح الصبر والمثابرة والتحدي.. وكلما كان العمل أكثر نفعاً وأعمق أثراً خصوصاً إذا تجاوز المألوف فإن الصعوبات التي ستواجهه أكثر أيضا، وحيث أن الابتكار يمثّل أحد أشكال التغيير للأفضل لذا فإن صعوباته ومعرقلاته أقسى والأفراد الذين يواجهونه أكثر وأقوى.. لذلك يلاحظ أن الكثير من الأفراد المبدعين والمبتكرين لا يجدون أحياناً مجالات جيّدة تلبّي طموحاتهم وتنسجم مع أفكارهم كما قد لا يجدون صدوراً رحبة تستوعبهم وتستثمر طاقاتهم فيعيشون في عزلة روحية وهم بين زملائهم وإخوانهم وهذه مأساة حقيقية تعود عليهم وعلى المؤسسات التي ينتمون إليها بالأضرار الوخيمة. لذلك قد يشكّلون أوائل الضحايا التي تفقدهم المؤسسة ليحظى بهم الآخرون الأقدر على استيعابهم واستثمار مواهبهم وخلاقيتهم.. وهذا هو أحد الأسباب الملحوظة في العالم الثالث أيضا الذي يقف وراء هجرة العقول والأدمغة إلى الدول الأكثر تقدماً وحرية.. كما هو أحد أبرز مظاهر التخلف أيضا. ومن هنا ينبغي أن نبحث في بعض معوّقات الإبداع التي تسبّب فقدان العناصر المبدعة وخلو المؤسسات منهم بما يسبب لها المراوحة في مكانها أو التراجع إلى الوراء.. لكي نسعى لمكافحتها دوماً إلى الصعود.. نذكر منها ما يلي: 1- مقاومة الجهات الإدارية المسؤولة وعدم رغبتها في التغيير الإبداعي.. ربّما لعدم إيمانها بذلك لما يسببه التغيير من خروج عن المألوف المعتاد عليه وربما لاعتقادها بأن كل تغيير جديد يشكّل خطراً عليها أو على المؤسسة وهذا ما يصطلح عليه بـ(جمود الإدارة) ومن الواضح أن المؤسسات تنعم وتكبر وتتطور بأجواء السلام والتفاهم والتعاون والتكامل بين عناصرها فإذا وقع بينهم التنافر وصار البعض معيقاً لمسيرة البعض الآخر فإن هذا يهدد الجميع بالخطر وأول الأفراد سيصابون بالمأساة هم المفكرون والمبدعون لأنهم سوف لا يجدون لأنفسهم مكانا في الأجواء المتوترة. والحل هو تعامل المسئولين مع الأفراد الطموحين وأصحاب التطلعات بالمزيد من المرونة والتفهّم والإقناع فهم بهذا يضمنونهم كعناصر مبدعة مخلصة في العمل كما يضمنون الهدوء والتماسك داخل المؤسسة. 2- التطبيق الحرفي للقوانين والحديدية في الروتين الإداري.. وهذا الأسلوب من أكثر الأساليب إزعاجاً للأفراد وتسبيباً للتذمّر والنقمة وإبعاد المخلصين والعاملين.. ومن الواضح أن القوانين والتعليمات الإجرائية هي مجرد وسائل وجسور للإدارة الأفضل وليست غايات بذاتها فإذا شكلت عائقاً أمام الأفضل فليس من الحكمة التوقف عندها.. ولو تتبعنا سلوك الأفراد الحديديين في تعاملاتهم الإدارية نجد أنهم في الغالب انشغلوا بالمظاهر والشكليات وتركوا المضامين والأهداف بعيداً بل كثيراً ما يقعون في أزمات الفوضى واللانظام بحجة إيجاد النظام الحديدي الصارم وهذا نقض للغرض والحكمة من إيجاد النظام.. وبعض المؤسسات تعتبر أن معيار التقييم والتمايز بين الأفراد هو مدى انضباطهم والتزامهم بالأنظمة الإدارية الموضوعة كالالتزام بأوقات حضور الدوام والمغادرة ونحو ذلك. ومع أن هذا أمر مهم إلا أن مجرد الالتزام بالدوام لا يؤدي إلى النتائج المطلوبة فقد يِأتي العامل في وقته ولكنه من دون أن يقوم بأي عمل أو يلتزم بمظاهر القانون ويخل بجوهره في عدم الإتقان أو عدم الإخلاص في العمل وغير ذلك من مساوئ وأضرار. إن القوانين وجدت للتنظيم الأفضل والأداء الأكمل فإذا صارت صارمة وروتينية فإنها تشكل عقبة تسبب الكثير من المفاسد. وأولها كبت الطاقات الخلاقة أو هروبها إلى المؤسسات الأخرى الأفضل تعاملاً.. 3- عدم تمتع القادة بمؤهلات قيادية وإدارية جيدة.. لا شك أن القيادة الإدارية تعتبر أحد أهم العوامل في تطوير المؤسسات لأنها صاحبة الدور الرئيس في تحفيز العاملين وتوجيههم ودفعهم إلى الأمام ومن المعلوم أن الأفراد تحفزهم قناعاتهم وأفكارهم أكثر مما يحفزهم المال أو العوامل الأخرى وينبغي أن يتمتع القائد والمدير بمؤهلات عديدة حتى يحظى بثقة أفراده والعاملين معه وإذا انعدمت الثقة فإن ذلك يشكل عاملاً أساسياً في عدم تماسك الأفراد بل وإحباطهم وعدم انشدادهم إلى العمل وتطبيق خططه. مثلاً: إذا اعتقد المرؤوسون أن رئيسهم وصل إلى منصبه الإداري لاعتبارات غير منطقية لأنه بلا مؤهلات.. فإنهم لا يجدون لأفكاره وآرائه قيمة تستحق الاحترام والتقدير خصوصاً مع وجود بعض الأفراد من بينهم من يرى نفسه أكفأ وأفضل من الرئيس نفسه. خصوصاً إذا خرج المدير نفسه عن المنطقية وأساء التصرف في إدارة أفراده فإن ذلك سيسبب انفراط النظام وتنامي التسيب والإحباط وفي هذه الأجواء يموت الإبداع وتنتهي حوافزه. فالرئيس الذي لا يعتبر نجاح موظفيه نجاحاً للجميع ويحرص فقط على التفتيش عما يسيء إليهم هو شخص يمارس سياسة هدّامة من حيث يدري أو لا يدري ولا يؤهل المؤسسة إلى البقاء فضلاً عن التنامي والرقي. إن من أهم حوافز الابتكار أن يرى العاملون أن العمل الجاد يكافأ وان الفرد الكفوء يحترم ويقدر وبعكسه الكسل والأفراد السلبيين كل يجازى بعمله وهمته - بالحق والحكمة -. ولكن حينما يلاحظ في بعض المؤسسات أن مؤهلات الانقياد والخنوع والتزلّف هي شروط أساسية للجزاء بالحسنى، والجدية والهمة والإخلاص مع احترام النفس وحفظ الكرامة تؤدي إلى المعاناة فإنه يبدأ العد التنازلي للعمل وللمؤسسة لأن طول اللسان والتردد على المسؤولين وإبداء المزيد من المجاملات الفارغة ستكون هي الطريقة الأقصر والأسهل والأكثر أمنا للوصول إلى المناصب العالية.. وهذا أسلوب لا يجيده كل أحد بل لا يحسنه أولئك الذين يحترمون أنفسهم ويحبذون التقدير بالاستحقاق، ولذا فإن حنكة المدير يجب أن تميز بين الأفراد المتزلفين والآخرين الكفوئين حتى تحافظ على مستويات عالية من الإبداع والخلاقية وإلا فإنها ستكون قد ساهمت في هدم المؤسسة من حيث لا تعلم. 4- القيم الاجتماعية.. قلنا أن الابتكار نوع من الخروج على المألوف لذا فإنه قد يتعارض مع التقاليد والأعراف والقيم الاجتماعية السائدة مما يسبب للمبتكرين المتاعب والأزمات. ومعظم المبدعين والعلماء والمفكرين لاقوا أشدّ الصعوبات في مجتمعاتهم العامة والخاصة لأنهم خالفوا المألوف - أحياناً -. ولا زال الكثير من الناس يتصور أن الحكمة والحنكة والمهارة والإبداع تتنزل على الإنسان حينما يتقدم به السن ويبلغ من العمر عتيّا أما مرحلة الشباب فهي مرحلة الصباوة وعدم النضج ولعلّ هذه من أبرز السمات الظاهرة في المجتمعات المستبدّة أو التي تتغلب فيها العادات والتقاليد ومع أن هذه قد تصحّ عند البعض إلا أنها ليست قاعدة كلية يمكن الاعتماد عليها دائماً.. كما ليس اقتران الشباب بالصباوة وقلّة الخبرة والنضج قاعدة كلية يمكن الاعتماد عليها دائماً.. بل ينبغي أن يلاحظ الفرد مع حكمته ومنطقيته وقوة تفكيره وخبرته كان شابا أم كهلاً أو شيخاً كبيراً.. ما دامت الكفاءة الواقعية هي المعيار. إن تقييم الإبداع على أساس السن وأن المبدع هو الشخص الكبير فقط هذه من العوامل التي تعيق الإبداع والخلاقية عند الأفراد.. ومع الأسف أنها إحدى القيم التي تقوم عليها بعض المجتمعات النامية والمؤسسات العاملة فيها فغالباً لا يحظى صغار السن بالاحترام اللائق بهم كما يحظى به الكبار.. كما أن إمكاناتهم الإبداعية لو وجدت لا تكتسب اعترافاً وقبولاً غالباً إلا في وقت متأخر إذ ينظرون إلى محاولاتهم وكفاءاتهم أنها تخيلات أو تهوّرات لاتستحق الاهتمام والرعاية. لذلك نجد قلّما يحتل الشباب المراكز الإدارية القيادية في أمثال هذه المجتمعات إذ يعتبر شرط التقدم في السن أحد أهم المؤهلات القيادية للأفراد الأمر الذي لا يقبله الشباب لما يرون لأنفسهم من الحق الطبيعي أن يحظون بما يستحقون وأن يحققوا أهدافهم وطموحاتهم بجدارة فيؤدي الأمر إلى الانقسام والتشتت أو هروب طاقات الشباب لوجدان مجالات أفضل تتفهمهم وتلبّي رغباتهم.. وهذا ما يفسر أيضا سبب الانقسامات المستمرة في المؤسسات العاملة في العالم المتخلف. كما يفسر سبب وقوع الكثير من الشباب ضحية الشباك الغربية والصهيونية بينما يتطلب الأمر بعض الحكمة في احتواء كلا السنّين وإعطاء كل سن ما يليق به من أجل تشجيع الإبداع وتحفيز المبدعين واستثمار الخبراء وتقدير أصحاب التجارب وصبّ طاقات الجميع في خدمة الأهداف العليا للمؤسسة.. 5- الظروف المعيشية.. إذ لا يلقى الابتكار والإبداع الاهتمام الكافي فإنه يموت خصوصاً مع تردّي الأوضاع المعيشية للأفراد لأن الابتكار لا ينمو إلا في الانشغال بالجذور والانشغال بالجذور لا يكتمل إلا في راحة البال من الهوامش والفرد المبدع إذا لا يصرف اهتمامه وعنايته في ما يهم الجميع قد يصرفها في العناية بنفسه خصوصاً وأن ضرورات المعيشة تلحّ على الإنسان وتضغط عليه بالاستجابة ولا يمكن له أن يتخلى عنها أو يهملها وقوام حياته اليومية يعتمد عليها.. لذا قد يستثمر الفرد المبدع قدرته الإبداعية في محاولة سد النقص المادي أو الاقتصادي الخاص وهذا يفقد المؤسسة الكثير كما يربّي الفرد نفسه على المصلحية والذاتية ومن هنا ينبغي السعي الحثيث لإشباع الأفراد في المهم لكي يبدعوا في الجذور ويتفانوا في الوصول إليها التي هي الأهم حتى نبني مؤسسات مبدعة وناجحة في مختلف المجالات .

أصول وضوابط في دراسة السيرة


يكفي دلالة على القناعة بأهـمـية دراسة السيرة تلك الكتابات المتكاثرة التي تحاول الإفادة من السيرة بأكثر من صورة. ولِمـَـا لمنهج الكاتب من تأثير في كتاباته فإن من المهم السعي إلى تحديد أطر منهجية ضابطة للدراســـة والكتابة. وهذه محاولة لرسم بعض المعالم والضوابط أرجو بها النفع، وأن تتبعها دراسات أكثر نضجاً من ذوي الاهتمام والاختصاص(1).
أولاً: فهم حقيقة الإسلام ومنهجه المتكامل:
يكتسب هذا القيد مكانته من جهة عـجــز مــن يفـتـقـده عــــن قراءة أحداث السيرة قراءة موضوعية تمكنه من سلامة فهم الأحداث، وتقصِّي أسبابها، ومـعـرفـة دوافعها، وتفسيرها بما يتفق مع روح الإسلام. فمن المهم "أن يُعنى بالجانب التشريعي الـذي يـحـتـكـم إلـيــه المجتمع، وتوضح الضوابط الخلقية والقانونية التي تحكم حركة الأفراد والمجتمعات، ولا يـمـكـن الفصل بين الجانب السياسي والعسكري، والجانب الخلقي والتشريعي، خاصة في
الـقــرون الأولـى مـن تـاريـخ الإســـلام؛ حيث تتشابك العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية بالعقيدة تشابـكــاً وثـيـقــاً بحيث يصعب فهم حركة التاريخ في تلك المرحلة دون فهم روح الإسلام ومبادئه"(2).
إزاء هذا الضابط نرى أنفسنا أمام خطرين اثنين:
أولهما: افتقاد بعض الباحثين والدارسين إلى المرجعية الشرعية.
وثانيهما: قــراءة السيرة بأنظمة معرفية أخرى: رأسمالية، واشتراكية، وعلمانية، وقومية من الخارج، ومـحــاولة تقطيعها والانتقاء من أحداثها، وفصلها عن نسقها المعرفي وسياقها ومناسباتها(3).
ونـظـير هذا: قراءة السيرة بخلفية بدعية صوفية أو رافضية.. ونحوها؛ فالرافضة ـ مثلاً ـ: يحللون أحداث السيرة تحليلاً يتسق مع انحرافاتهم العقدية!
ثانياً: ترك المنطق التسويغي:
ينـبـغـي أن تنطلق دراسة السيرة من اليقين بعزة الإسلام وأحقيته في الحكم والسيادة، وأن الله لا يقبل ديناً سواه، وأنه لا يفهم إلا من خلال دراسة السيرة.
ولذا وجب البعد عن الروح الانهزامية في تحرير السيرة وتحليلها، وخاصة في الجهاد.
ومن الـمواضيع التي ينهزم أمامها التسويغيون ولا يجدون لها مسوِّغاً ــ على حد زعمهم ــ مسألة قـتل يهود بني قريظة لما قبلوا حكم سعد بن معاذ فيهم ــ وكان حليفهم في الجاهلية ــ فحكم فيهم بحكم الله: أن يقتل رجالهم، وتسبى نساؤهم وذراريهم! هنا يصعب الموقف على من في قلبه انهزامية، فيسعى للتشكيك في ثبوت القصة. وهي ثابتة بلا شك(4).
ثالثاً: اعتبار القرآن الكريم مصدراً أولاً في تلقي السيرة وفهمها:
لدراسة السيرة من خلال كتاب الله ميزات عدة، منها:
- أن مدارسته عبادة عظيمة.
- اشتمال القـرآن على إشـــــارات تفصيلية لا توجد في مصدر آخر، كما في أحداث زواج زينب ـ رضي الله عنها ـ.
- دقة وصفه للأحداث والشخوص، حتى يصور نبضات القلب، وتقاسيم الوجه،وخلجات الفؤاد، وهذه خصيصة تنقل القارئ إلى جو الحدث ليعيش فيه.
- تـركـيـزه على خصائص سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مثل: كونه بشراً، وأن رسالته عامة، وأنــــه خاتم النبيين. ومنها: ربطه بين قصة الحدث وسيره وبين العقيدة والإيمان والقضاء والقدر.
- بـيـانه حكمة الحدث ونتائجه وحكمة الله في تقديره، وهو الدرس التربوي المطلوب(5).
وبدراســة السيرة من القرآن يتحول الحدث من قصة في زمان ومكان معينين إلى درس كبير متكامل يتعدى ظروفهما.. يُتلى إلى قيام الساعة(6).
إن من يـعـيـش الـسـيرة من خلال القرآن ـ وصحيح السنة ـ لا تعود السيرة في حسه مجرد أحداث ووقائع، وإنـمــــا تصير شيئاً تتنامى معه مشاعره الإيمانية تجاه الجماعة المؤمنة، ووعيه الإيماني بالسنن الربـانـيـــة(7). ومع أهمية هذا النوع من الدراسة فإنه لم يلق بعدُ اهتماماً يتناسب معه(8).
رابعاً: تمحيص الصحيح من الأخبار فيما يتعلق بالعقيدة والشريعة:
الناس في اشتراط تمييز الصحيح من الضعيف في روايات السيرة على قولين مشهورين:
الأول: مَـنْ لم يشترط التمحيص وأجاز إيراد كل مرويات السيرة، واحتج بأن كَتَبَة السيرة لم يعتمدوه ولم يحرصوا عليه. واستدلوا بما اشتهر عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ أنه قال: "ثلاثة كـتـب لـيـس لـهـــا أصول: المغازي، والملاحم، والتفسير"(9). ويمكن نقاش دليلهم واستدلالهم من أوجه(4):
أ- أن ثبوت هذه المقولة عن الإمام أحمد موضع نظر(10)،ومن ذا الذي يقول: إنه لا يثبت شيء في مغازي المسلمين؟ فـأيـن ما في الصحاح والسنن، وأين ما ذكره الإمام أحمد نفسه في مسنده؟
ب - وفـي حـــــال ثبوت الرواية فإنه لم يقل: لم يصح فيها شيء، ولكن قال: ليس لها أصول. وقوله: ثلاثــــة كُتُبٍ يدل على أن مراده: "كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمد عليها، ولا مـوثـوق بصـحـتـهــا؛ لسوء أحوال مصنفيها، وعدم عدالة ناقليها، وزيادات القُصَّاص فيها"(11).
ج - أنـه حـتى لـو نـفــى الصحة عنها فإن نفيها لا ينفي الحُسْن، ولا يستلزم الضعف أو الوضع.
د - يحـمــل قـولــه عـلى الحال الغالب؛ فإن هذه الفنون غالب رواياتها ليس لها أسانيد متصلة(12).
أمـا الـقــــــــول الثاني: فيمثله د. أكرم العمري؛ حيث يقول: "المطلوب اعتماد الروايات الصحيحة وتـقـديمـهـــــا، ثم الحسنة، ثم ما يعتضد من الضعيف لبناء الصورة التاريخية لأحداث المجتمع الإسلامـي في عصر صدر الإسلام... وعند التعارض يقدم الأقوى دائماً.. أما الروايـات الضعيفة التي لا تقوى أو تعتضد فيمكن الإفادة منهــا في إكــمال الفراغ الذي لا تسده الروايات الصحيحة والحسنة على ألا تـتـعـلـق بـجـانـب عقـدي أو شرعي؛ لأن القاعدة: "التشدد فيما يتعلق بالعقيدة أو الشريعة"(13). ولا يخفى أن عـصر السيرة النبوية والخلافة الراشدة مليء بالسوابق الفقهية، والخلفاء الراشدون كانوا يجتهـدون فـي تسيير دفة الحياة وفق تعاليم الإسلام؛ فهم موضع اقتداء ومتابعة فيما استنبطوا من أحكـام ونظم لأقضية استجدت بعد توسع الدولة الإسلامية على إثر الفتوح.
أما الروايات التاريخية المتعلقة بالعمران: كتخطيط المدن، وزيادة الأبنية، وشق الترع.. أو الـمـتـعـلقة بوصف ميادين القتال وأخبار المجاهدين الدالة على شجاعتهم وتضحيتهم فلا بأس من التساهل فيها"(14).
وهذا هو المنهج المعتبر عند الأئمة المحققين، يشهد به صنيع الذهبي في (تاريخ الإسلام)، وابـن ســيـد الناس في(عيون الأثر)،(15) وابن حجر في(الفتح)(16)،وكذلك ابن القيم وابن كثير.
أما ما يؤخذ من الروايات التاريخية فهو ما اتفق عليه الإخباريون(17). أما اشتراط الصحة في كــل خــبـر تـاريـخـي ـ والـذي مـشى عليه بعض المؤلفين في السيرة فاختزلوا كثيراً من أحداثها ـ فإن ذلك يترتب عليه تضييع ثـروة عـلـمــيــة كبرى، وإهدار الاستفادة منها في مجالات تربوية وإدارية.. ونحوها؛ حيث تضعف الثقة في كل ما استنبط منها(18).
يبقى: كيف تدوّن السيرة على ضوء المنهج السابق: هل تذكر كل الأحاديث بنصوصها، أم يجمع بين الروايات في سياق واحد؟
الـظـاهــــر: هو الطريق الثاني؛ تحاشياً لتشوش القارئ، وتشتت ذهنه بانقطاع الأحداث، وتكرر بعـضـها، وعدم وضوح صورة متسلسلة متكاملة للسيرة، ثـم إنــه صنيع الزهــري في روايتــه لحادثة الإفك التي رواها مسلم عنـه(19).
خامساً: معرفة حدود العقل في قبول النصوص وردها:
يرى العديد من الدارسين ـ وخاصـــة من المستشرقين ـ أن علماء المسلمين أهملوا نقد المتون، وأن ذلك لغياب عقليتهم النقدية. وهـــــــذا مردود، وهذه بعض أمثلة لمحاكمات تاريخية مستندة إلى نقد المتن:
1- رفــض ابن حزم العدد المذكور عن عدد جند المسلمين في أُحُد؛ بناء على محاكمة المتن وفق أقيسة عقلية بحتة.
2- قدّم مـوسـى بـن عـقــبــة غزوة بني المصطلق إلى السنة الرابعة ـ خلافاً للأكثرين الذين جعلوها في السنة السادســــة ـ؛ لاشتراك سعد بن معاذ فيها، وهو متوفى عقب بني قريظة وهي في السنة الرابعة. وتابعه على تقديم تاريخها ابن القيم والذهبي.
3- أخّر البخاري غزوة ذات الرقــاع إلى ما بعد خيبر؛ نظراً لاشتراك أبي موسى الأشعري وأبي هريرة فيها، وقد قدما بعد خـيـبــر، وتـابـعه على تأخيرها ابن القيم وابن كثير وابن حجر، خلافاً لرأي ابن إسحاق والواقدي في تقديمها.
4- الخلاف حول تشريع صلاة الخوف معظمه مبني على محاكمة المتن.
والأمثلة كثيرة؛ ولكن من المهم أن يقال: إن حفظ الروايات قد استنفد طاقة الأوائل، وأتى بعدهم من لخّص وذيّل عليها وانتقى منها، وهـذا عـمـــل نقدي. وفي مؤلفات متأخرة تَبْرُزُ محاكمات دقيقة للمتون، كما في: البداية والنهاية، وفتح الباري، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "الأحاديث التي ينقلها كثير من الجهال لا ضابط لها، لكن مـنـهـــا ما يعرف كذبه بالعقل، ومنها ما يعرف كذبه بالعادة، ومنها ما يعرف كذبه بأنه خلاف ما علم بالنقل الصحيح، ومنها ما يعرف كذبه بطرق أخرى"(20).
كما يـحـســب فـي عــــداد تقويم العقلية النقدية لدى المسلمين خدمتهم لنصوص أحاديث الأحكام خدمة بالغة، وجهودهم في كتب أصول الفقه التي تنبئ عن عقلية فذة. وإذا علمنا أن للمؤرخين القدامى كتباً في فنون أخرى لم يجز لنا أن نتهمهم بإهمال المتون، كما يجب مراعاة عنصر الزمن، فـلا تقوّم جهودهم بمقاييس أنجزها التقدم العلمي اليوم؛ لئلا يُغمطوا
حقهم.
على أن علم مصطـلح الحديث قد اشتمل على مباحث تشكل الجانب النظري لنقد المتون، ولـكـن الـقـصـــــور حصل في تطبيق ذلك على الرواية التاريخية، فلم تحظ بما حظيت به الأحاديث النبوية من العناية(21).
لقد انزلق المطالبون بنقد المتون؛ حيث أجروا أحكام العقل في المتون الثابتة، وجعلوا ذلك أساساً للرد والقبول، وذلك أمر تتفاوت فيه العقول، وإنما يجيء الإشكال من جهة قصور العقل عن إدراك الخطاب للتوفيق بينه وبين النصوص الأخرى.
وربما يُثبت من لم يـلـتـزم مـنـهــج المحـدثـيـن حديثاً واهياً لصحة معناه، وقد يردُّ رواية الشيخين لظنه تعارضها مع مبادئ الإسلام وقــواعده، وهذا تحكيم ضعيف للعقل(22).
ومما وقعوا فيه خلال دراسة السيرة نفي الـمـعـجـــــزات الثابتة بالنقل الصحيح، وهو في حقيقته انصياع للفكر المادي والفلسفات الوضعية، مع أن المسلم لا بد له من الاعتزاز الذي يحقق له الاستقلال التام في النظر والبحث العلمي(23).
سادساً: فهم العربية ومعرفة أساليبها:
"امـتـاز الـتـألـيــف في العصور الأولى بقوة الأسلوب وفحولة المعاني وجزالة الألفاظ وإشراق الديباجة والـتـزام أساليب العرب ومذاهبهم في البيان"(24) فدعت الحاجة لدارس السيرة إلى حسن فـهــم العـربية وأســالـيـبها؛ ليحسن التعامل مع روايات السيرة؛ إذ المطلوب في فهمها والاستنباط مـنـهـــا أن يـتــم وفق قواعد العربية وأساليبها دون تعسف أو تمحُّل في التفسير(25).
سابعاً: الالتزام بالمصطلحات الشرعية:
قسم الله ـ تبارك وتعالى ـ الناس ثلاثة أقسام: مؤمناً، وكافراً، ومنافقاً ـ كما في صدر سورة البقرة ـ وجعلهم حزبين: أولـيـاء الـرحـمــــن، وأولياء الشيطان، فالواجب الالتزام بهذه التسميات، وعدم العدول عنها إلى مثل: يمـيـني، يساري(26)، ليبرالي... إلا عند الحاجة للتعريف باتجاهات بعض الأفراد الذين يترتب عـلـى مـعــرفــــة ذلك منهم مصلحة، مع
الحرص على التحديد ما أمكن.
وفـائـــدة التحديد في تقليل التمييع والتضليل الذي يسعى إليه المفسدون وأشياعهم؛ حيث يحرصون على التعمية وتجاهل الأسماء الشرعية التي يترتب عليها أحكام، وتستلزم ولاءاً أو براءاً.
ثامناً: صدق العاطفة:
من أسس الكتابة في السيرة ودراستها توفر المحبة الصادقة لصاحبها صلى الله عليه وسلم والعاطــفــــة الحية التي تُشعر بمدى الارتباط الحقيقي قلباً وقالباً، والتفاعل الحقيقي مع أحداث سيرته(27).
ولقد عبر الشـيـخ محمد الغزالي عن عاطفته الجياشة فقال في مقدمة فقه السيرة(28): "إنني أكتب في السيرة كـمـــــا يكتب جندي عن قائده، أو تابع عن سيده، أو تلميذ عـن أستاذه، ولست ـ كما قلت ـ مؤرخــــاً محايداً مبتوت الصلة بمن يكتب عنه". ودراســــة السيرة تعبُّداً لله وتقرباً إليه تنمي ذلك الحب، وتسقي تلك العاطفة.
تاسعاً: الوفاء بحقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم دون غلو ولا جفاء:
ينأى عن ســـنـة الـنـبـي صـلـى الله علـيـه وسـلـم ومـنـهــج سلف الأمة في دراسة السيرة فريقان(29):
1 - قوم قصَّروا في حق النبي صـلـى الله عـلــيــه وسلم وما يجب له من الإجلال والتوقير والتعظيم، فدرسوا سيرته كما يدرسون سائر الشخصيات الأخرى، فنظروا لجوانب العظمة البشرية والقيادة والعبقرية والبطولة والملك والإصـلاح الاجتماعي، مغفلين الجانب الأعلى في حياته، وهو تشرفه بوحي الله ـ عز وجل ـ وخـتـم النبوة والرسـالة. ولهـــؤلاء يحــسن سياق خـبر أبي سفيان يــوم فتـح مـكة؛ حيث قال للـعـبــــاس لما رأى كتائب الصحابة ـ
رضي الله عنهم ـ: والله لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم لعظـيـماً، فقال العباس: ويحك يا أبا سفيان، إنها النبوة، قال: فنعم إذاً(30).
2 - وآخرون بالغوا في التعظيم وغلوا في منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلم يَرُقْ لهم وصفه بالبشرية، بل ربما خطر لبعضهم أنه ضرب من الجفاء! مع أن كونه صلى الله عليه وسلم بشراً عبداً لله ـ عز وجل ـ من مسلَّمات العقيدة، وخلافه ضرب من الضلال؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم؛ فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله"(31).
فـالـحــق وسط بين الطرفين؛ ولدراسة السيرة انطلاقاً من ذلك أثر كبير في العقيدة والعبادة والسلوك والدعوة والتأسي والاقتداء.
عاشراً: تحديد هدف الكتابة والشريحة المخاطبة بها:
على كاتـب السـيـرة معرفة الشريحة المراد مخاطبتها، وفهم الأسلوب المناسب الذي تؤدى به.
وعـلـيــه كـذلك أن يـعـيِّـن غـرضـه من الكتابة، وماذا يريد من: معالجة جديدة، أو طرح للأحداث بأسلوب جديد، أو تـعـلـيـل لقـضـايـــا مـنـغـلقة، أو تركيز على أحداث أغفلها الكُتَّاب(32).
فمثلاً المرحلة المكية مرحلة تربوية خصبة كتبت فيها كثير من الكتابات، ولا تزال بحاجة إلى بسط في بعض جوانبها وزواياها، ومن ذلك:
1- موقف الجاهلية من الدعوة والمؤمنين بها؛ فأعداء الدعوة ليسوا قريشاً وحدهم، بل كل الجاهـلـيـة.. ثـقـيـف وهوازن وغيرهما. وإنما برزت قريش؛ لأنهم عشيرته صلى الله عليه وسلم الأقربون، ولكن تخصيصهم بالحديث يوحي بمحلية الدعوة، وهو خطأ جسيم.
2- موقف المؤمنين من الاضطهاد، بالمقارنة بين حالهم قبل الإسلام وبعده، وكيف صنعهم الإسلام حتى هـــان على المؤمنين من العقوبات ما كان أخفه هو غاية التهديد في الجاهلية كالطرد من القبيلة ـ مثلاً ـ.
3 - الدور التربـوي العـظـيم لدار الأرقم ـ مدرسة المؤمنين السابقين الأولين ـ، والمؤسف أن الأخبار عنها قليلة، مع أنـهــا تميزت بإعطاء منهج تربوي متكامل(33). ولعل من الكتب المفيدة في دراسة المرحلة المكية: في ظلال القرآن، لسيد قطب ـ رحمه الله ـ (34).
حادي عشر: العناية بتحليل الأحداث والتعليق والموازنة:
بذل العلماء المتقدمون جهوداً مضـنـية في حفظ العلم وروايته أشغلتهم ـ في بعض الأحيان ـ عن العناية بتحليل الأخبار ودراستها والنظر في أسباب الأحداث وملابساتها.
وفي عصور الضعف لم يأخذ جانب الـتـحـلـيـل والـدراسة حقه؛ "بسبب النظرة التجزيئية للقضايا، والسطحية في التعامل مع الروايات، وعدم وضـــــوح الـتـصـور الإسلامي لحركة التاريخ ودور الفرد والجماعة، والعلاقة الجدلية بين القدر والحرية وقــانــون السببـية في الربط بين المقدمات والنتائج.
فضلاً عن أن الكتب التاريخية القديمة لا تمدنا بمنحى واضح في التحليل والتصور الكلي؛ بـسـبـب اعتمادها على سرد الروايات فقط؛ إذ قلَّما يشير المؤرخ الإسلامي القديم إلى السنن والنوامـيـس والقـوانـين الاجتماعية التي تحكم حركة التاريخ، رغم أن القرآن الكريم لفت نظر المسلمين إلى ذلك كـلـه بـوضـــــوح، بل إن أحداً من مؤرخي الإسلام لم يحاول إعادة صياغة النظرة القرآنية للتاريخ وتقديـم الوقائع والتطبيقات والشواهد القرآنية عليها بشكل نظريات كلية حتى وقت متأخر عندما كتب ابن خلدون مقدمته"(35).
ولغياب النظرة التحليلية في دراسة السيرة فقد غلب عليها الطابع التسجيلي السردي الذي يحاول إثبات الوقائع ووصف تطور الأحــــداث وتقرير النتائج دون الالتفات إلى المقدمات ومحاولة اكتشاف المنهج الذي يُسَيِّرها. ومــع أن الدراسات شملت وصفاً دقيقاً لكل أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وكل ما يـتـصـــل بــــه.. إلا أن الحديث عن المعجزات والمؤيدات الغيبية كان على حساب سنن عالم الشهادة التـي يـتـحــــرك في إطارها ويصنع الأحداث ويحقق النتائج(36).
"الـحــــق أن المـحـدَثـيـن في باب التحـلـيــل والتعليق والموازنة بين المواقف قد أرْبوا على المتقدمين، وأكسبوا الـسـيـرة جـــــدة ورواءاً، وقــد تفاوتوا في ذلك على حسب تفاوتهم في المراتب، وسعة العلم والأفق، والاطلاع على سير الآخرين"(37).ولكن غالب هذه الدراسات قد ركز على جانب إثبات النبوة، وإبراز الخصائص. وهو أمر له مسوِّغه الظرفي في الصراع مع المخالفين. واهتم جزء آخر باستخراج الأحكام والـتـوجـيـهـات والفوائد، واهتم آخرون بالتفسير الحركي لتسويغ بعض مواقف الحركة الإسلامية المعاصرة.
ثاني عشر: الاهتمام بتحرير المنهج النبوي في سائر المجالات:
بقيت العناية بالمنهج قليلة، مع أنه بإمكان النظرة الشمولية لهذه الجهود العلمية الضخمة الآنفة الذكر أن تستخلص البنية الهيكلية العامة للمنهج النبوي في نواحيه المختلفة(38).
نعم.. إن استخلاص المنهج مطلب ضروري، بيد أنه ليس بالأمر الـيـسـيـر، خـــلافاً لما قد يتوهمه بعضهم حين ظنوا أن (المنهج النبوي) على طرف الثمام، وأن نظرة عجلى عـلــــى السيرة العطرة، أو جزء من السنة المطهرة، أو انتقاء مقاطع من هنا أو هناك كافية للإحاطة بـهــــذا الـمـنهج الفذ، وبناء حتميات تاريخية على تلك الأفهام العجلة. وتصوُّر بعضٍ أن
بالإمكان إعادة إنتاج العهدين المكي والمدني، أو تمثيلهما في أي واقع يُعَدُّ مجازفة كبيرة...
إن المنهج حين يـطـلـــــق فـي إطار معرفي إنما يراد به قانون ناظم ضابط يقنن الفكر ويضبط المعرفة التي إن لم يـضـبـطـهـا المنهج فقد تتحول إلى مجرد خطرات انتقائية ـ مهما كانت أهميتها ـ لا يمكن تحويلها إلـى ضوابط فكرية وقوانين معرفية تنتج الأفكار وتولد المعارف وتضبط حركاتها وتميز بينها؛ فـبـالـمـنـهـــج يمكن أن نحَدد طبيعة المعرفة وقيمتها وحقل
عملها واتجاهها وكيفية البناء عليها والتوليد منها...
إن أي فكر تتضارب مقولاته وتتناقض لا يعـتـبـر فـكـراً منهجياً حتى لو تمكن أصحابه من تقديم مختلف التأويلات التوفيقية: كالتأويل، والمقاربــة، والتلفيق، وغـــيرها. ولذلك فإن إطلاق مصطلح: (منهج النبي صلى الله عليه وسلم) و (المـنـهـــــج الإسلامي) على ما يصل الباحثون إليه باجتهاد شخصي أو فردي لا بد أن يُحتاط فيه، كــأن يقال: على ما نراه، أو على ما توصلنا إليه... الخ"(39).
مـطـلـــوب ـ اليوم أكثر من أي وقت مضى ـ قراءة السيرة ودراستها دراسة استراتيجية في مختلف الـحـــــالات الاجـتـمـاعـيـة والتربوية والعلمية والإدارية والسياسية والاقتصادية والحركية والأمنية والثقافية.. ففي السيرة بيان لجميع الحالات أو أصولها؛ خلافاً لصنيع بعض كُتَّاب السيرة حين يصورون حـيــــاة النبي صلى الله عـلـيـه وسـلـم على أنها صراع وحروب وغزوات وسرايا، ويغفلون عن الجوانب الأخرى(40).
لـكــــن المطلوب: دقة تحليل الواقع المعاش من خلال متخصصين، لا متحمسين فقط، ثم دراسة السيرة وتحليلها، ثم تحديد مواقع الاقتداء من مسيرة السيرة، أو اكتشاف المرحلة من السيرة التي تمثل حالة الاقتداء وكيفيته من خلال ظروف الحال نفسه(41).
ثالث عشر: تحديد هدف الدراسة وهو الاقتداء والتأسي:
من العبث اعتبار سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، لمجرد التسلية وإبراز عظمة الرجال؛ بل إن سيرته هداية للناس، وترجمة عملية لدين الله ـ عز وجل ـ وتصور للإسلام يتجسد في حـيـــــاة صــاحــب الرسالة، تطبيقاً للمبادئ والقواعد والأحكام النظرية(42). ولذا قال الزهري: "في علم المغازي علم الآخرة والأولى"(43).
لمَّا وعى الصحابة وسـلــف الأمة هذا الغرض اكتسبت السيرة في حياتهم مكانة علمية تليق بها وبهم. قال علي بن الحـسـيـن: "كنا نتعلم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نتعلم السورة من القرآن"(44)؛ لأنه لا غنى لمن يريد الاقتداء به عن معرفة سيرته. والاقتداء أساس الاهتداء ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسـْـــوَةٌ حَـسَـنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ والْيَوْمَ الآخِرَ وذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)) [الأحزاب: 21](45).
ولكن كيف نتعامل مع السيرة في هذه المرحلة المتغيرة، وكيف يكون الاقتداء؟
الواقع يتغير، ووسائلنا في العمل والاقتداء وقراءة القـيـم لا تـتـغـيـر، والسيرة اتخذت لكل حالة ما يناسبها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياســــر ـ حـيـن أكـرهـــه المشركون على سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير ـ: "إن عادوا فعد"(46).
آيـــة الـتـأسـي نزلــت فـي غزوة الأحزاب لتبين أن تمام الاقتداء إنما يكون في شدة البأس والضيق وفوات الدنيا لمن تـعــــلق بالآخرة، فلا يكون الاقتداء في اليسر دون العسر، ولا في الحاجيات والتحسينيات دون الضروريات من مقاصد الشريعة، وليس المقصود التقليل من شأن الاقتداء في العادات؛ فذلك مهم في صياغة الشخصية المتكاملة.
نزلت آية الأحزاب وقد بلغت القـلـوب الحناجر، وحين استنجد الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم عندما واجهتهم الصخرة الكبيرة حاول تفتيتها بالمعول طبقاً للسنن الجارية مؤملاً النصر(47).
"فقيمة الاقتداء وعطاؤه وعظيم ثوابــه عـنـدمــــا يكون في العزائم والقضايا الكبيرة التي قد يمتحن صاحبها في صدق إيمانه وقوة يقينه، فتفــوتــه بـعــــض النتائج في الدنيا، ويخسر المعركة، لكن الاقتداء يحميه ويحـول بينه وبين السقوط، ويرتـفــع بــــه من الوقوف عند النتائج القريبة إلى إبصار العواقب والمآلات.. ذلك أن مظنة الارتكاز في الاقـتـداء هي رجاء الله واليوم الآخر واستمرار الذكر الذي يجلِّي هذه الحقيقة، ويؤكد حضورها واستمرارها: ((لَقَدْ كَـانَ لَـكُــمْ فِي رَسُـــولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ والْيَوْمَ الآخِرَ وذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)) [الأحزاب: 21]"(48).
ولـكـــل مخـلــص أن يتساءل: ما نصيب السيرة النبوية في المناهج التربوية اليوم؟ وما أثر معرفتها في سلوك العاملين في ميادين الدعوة والتربية والتعليم؟
رابع عشر: معرفة مواضع الاقتداء من فعله صلى الله عليه وسلم:
معرفة أحوال أفعاله صلى الله عليه وسلم وأقسامها مبحث أصولي يهم دارس السيرة.
وفعله صلى الله عـلـيـه وسـلـم لا يخـلـو إما أن يكون صدر منه بمحض الجِبِلَّة، أو بمحض التشريع، وهذا قد يكون عامّاً للأمة، وقــد يـكـــون خاصّاً به صلى الله عليه وسلم، فهذه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الأفعال الجِبِلّية: كالقيام والقعود والأكل والشرب، فهذا القسم مباح؛ لأن ذلك لم يقصد به التشريع ولم نتعبد به، ولذلك نسب إلى الجِبِلَّة، وهي الخِلْقة.
القسم الثاني: الأفـعــــال الخاصة به صلى الله عليه وسلم التي ثبت بالدليل اختصاصه بها كالجمع بين تسع نسوة؛ فهذا القسم يحرم فيه التأسي به.
القسم الثالث: الأفعال البيانية التي يقصد بها البيان والتشريع، كأفعال الصلاة والحج، فحكم هذا القسم تابع لما بـيَّـنه؛ فإن كان المبيَّن واجباً كان الفعل المبيِّن له واجباً، وإن كان مندوباً فمندوب"(49).
خامس عشر: معرفة كيفية الاستفادة منها في الواقع:
الـدراســــــة المفيدة للسيرة تحصل حين تُدرَس على أنها سنن ربانية يمكن أن تتكرر كلما تكــررت ظــروفــهـــــا، ولا تتحقق أبداً حين ننظر للسيرة على أنها مجرد أحداث مفردة قائمة بذاتها حدثت زمــن البعثة النبوية... بل هي آيات وعبر في شؤون الحياة كلها، وإلا ضاع رصيدها وقوتها الدافـعـة لأجيال المسلمين؛ فهي تربط المسلم بالسنن الربانية، وتربط قلبه بالله ـ تعالى ـ(50).
إن كـل حـــركــة إصلاح أو تغيير تعجز عن الاستفادة من السيرة في صياغة مناهجها وحل مشكلاتها هي بـعــيــدة عــــن الاقتداء؛ لأن الواجب تجريد السيرة من قيد الزمان والمكان لتجيب عن أسئلة الواقع ومـشـكـــلاته. وهذا النــوع مــن الدراسات قليل جداً؛ إذ جــلّ الدراسات لا تعبر عــن عصر مؤلفـها، ولا تخــدم احتياجات واقعه، ولا تطرق مشكلاته.
قد تكون المشكلة كامنة ـ أحياناً ـ في غياب المقاصد الحقيقية التي تمثل معاني الخلود عند دارسي السيرة ـ أي قدرتها على الـتــعـامــل مع جميع الظروف ـ مما جعلها عند كثيرين تاريخاً لا مصدراً للاهتداء والتشريع.
وهـي ـ لا شـــــك ـ تاريخ، ولكنها تاريخٌ وحاضر ومستقبل: تاريخٌ زماناً ومكاناً، وحاضرٌ عطاءاً ومصدراً للتشريع، ومستقبلٌ رؤية ًواستشرافاً.
وإذا كان التاريخ مصدراً للدرس والعبرة فالسيرة أوْلى؛ لأنها فترة مسددة بالوحي، وحقبة بيان عملي للدين.
لقد سبب غياب هـذا المنطلق إغـراقاً في الفقه النظـري ـ سـواء الذي يسير خلف المجتمع، أو البعيد عـن واقعه ـ كما سبب تراجعاً في الفقه التطبيقي (فقه التنزيل) فصارت مشكلات المسلمين تنشد الحل المستورد.
إن مما يؤكد أهمية الانـطلاق من ذلك المنطلق حين التعامل مع السيرة ما يشير إليه ترتيب سور القرآن وآيـاتـــــــه ـ والسيرة بيان عملي للقرآن ـ فلم يجئ ترتيبه حسب نزوله زماناً ومكاناً؛ لئلا يبقى المتأسي أسـير الزمان والمكان الماضيين، بل ليبقى مسخِّراً للزمن متحكِّماً فيه يستطيع تحديد الموقع الـمـنــاسب للاقتداء من خلال قيم القرآن الكريم ومسيرة السيرة
بحسب الظروف والإمكانات وطبيعة أقدار التدين التي تحدد مكان الاقتداء من السيرة... هذا وإلا بقيت السيرة في خانة الـتـبـرك والفــخــر تصاغ في شكل موالد وموائد تشيع فيها البدعة، وتضيع فيها السنَّة، وتضيع معها الأوقات(51).
وفي سيرة سلفنا إضاءات للمستنيرين بنورها، فهذا أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ يقاتل مانعي الزكاة، ويقول لعمر بن الخطاب لما حاول تأجـيـل قــتـالهــم: "أجبَّار في الجاهلية، وخوَّار في الإسلام؟! إنه قد انقطع الوحي، وتم الدين، أَوَ ينقص وأنـــا حي؟!"(52)، فلم يتقيد بقيد الزمان، ـ وهو ما قبل فرضية الزكاة في صدر الدعوة ـ. ولذا فــــإن من الخطأ أن نريد إعادة مراحل السيرة التي كانت قبل اكتمال شرائع الإسلام، فنكتفي ببـعـضها ردحاً من الزمن، ونحمل الناس على شيء من الدين مرحلة من الزمن(53) فذلك "تبسيط شــديـد للأمور من ناحية، وتجاوز لتحليل ومعرفة أهـم الأبعاد التي غابت عـن محاولات التغيير، وأدت إلى تراجعهــا"(54).
ولـكـي يـتـضــــــح جانب التبسيط فإنه يُرّدُّ على من أراد تقييد الإفادة من السيرة بالزمان بتقييدها بالمكان! فهل يطيقه؟ ولا بد أن نلاحظ ـ حال الإفادة من معطيات السيرة ـ أنه لا يمكن أن تُنتِج الوســـائـلُ والـتـصـرفـات الـتي اسـتـعـملها رسول الله صلى الله عليه وسلم
النتائج نفسها إذا استعملها سواه؛ لاختصاص الرسول صـلى الله عـلـيـه وسـلـم بالـوحــي والتسديد من الله ــ عز وجل ـ(55).
ولـــذا، فإنه تبقى للسيرة النبوية صفة المعيارية الخالدة في الإطار العملي التطبيقي، وليس ذلك أبـداً لـمـمـارسات أحد غيره ـ كائناً من كان ـ، فلا يجوز إسقاط السيرة على تصرفات بعض الأفراد أو الجماعات لتسويغ بعض الممارسات وإكسابها المشروعية، سواء قبل التصرف أو بعده، وسواء في ذلك القراءات الحركية أو العسكرية أو الأمنية أو الاقتصادية أو التربوية مــا دامــت فصّلت حــوادثها علــى تصــرفات معينة، والتي لا يمكن أبداً أن تكون معياراً، بل هي في الحقيقة صفحة من التاريخ تفيد الدرس والعبرة(56).
وفي الختام: لـعــــل فيما سبق من الضوابط محاولة لرسم معالم في كتابة السيرة ودراستها؛ والمرجو أن تبعث لدى المهتمين المبادرة بنقدها وتقويمها، والسعي لتحرير منهج علمي متين في دراسة سيرة الهادي صلى الله عليه وسلم.
الهوامش:
(1) طـالـعـت مقدمات عدد من كتب السيرة، حيث لم أجد دراسة مفردة، وقبيل الانتهاء من كتابة المـوضـوع وجدت مقدمة في السيرة اشتملت على جملة من الضوابط المهمة أملاها د. عبد الرحمن المحمود في بعض دروسه العلمية فاستفدت منها كثيراً.
(2) د. أكرم ضياء العمري، في السيرة النبوية الصحيحة : 1/18.
(3) انظر: مـقـدمـــــة عمر عبيد حسنة لكتاب: في السيرة النبوية قراءة لجوانب الحماية والحذر، ص 25، 26.
(4) مقدمة في السيرة، د. المحمود.. والقصة أخرجها مسلم، ح/ 1766.
(5) انظر: كيف نكتب التاريخ الإسلامي، محمد قطب 81.
(6) مقدمة في السيرة النبوية، د. عبد الرحمن المحمود. (مخطوط).
(7) انظر: كيف نكتب التاريخ الإسلامي، لمحمد قطب : 81.
(8) كتاب: السيرة في القرآن، لمحمد عزة دروزة، في مجلدين كبيرين، وحيد في بابه، ولا يخلو من ملاحظات، فلا يزال المجال شاغراً.
(9) أخرجه الخطيب البغدادي في الجامع، الجزء الثامن (2/ 224).
(10) انظر: السنة ومكانتها في التشريع، للسباعي: 344.
(11) في إسنادها: مـحمـــد بن سعيد الحراني، قال ابن حجر: شيخ (التقريب : 848)، وقال النسائي: لا أدري مــا هـــو (التهذيب 5/113) "فروايته لا يحتج بها، وإنما تكتب للاعتبار، وذلك إشعار ضعف" (مرويات غزوة بدر، باوزير: 34).
(12) الجامع للخطيب 2/224.
(13) انظر: فتاوى ابن تيمية: 13/346، والبرهان للزركشي: 2/651، والإتقان للسيوطي: 2/228.
(14) ولا يفهم من هذا رد أحاديث الآحــاد في باب الاعتقاد فهو خلاف منهج أهل السنة، مقدمة في السيرة، د. المحمود.
(15) السيرة، للعمري: 1/40، وانظر التزامه هذا المنهج في مقدمته، ص 19.
(16) السابق: 1/41.
(17) انظر: تحقيق مواقف الصحابة، لأمحزون: 1/98 - 100.
(18) العمري، مصدر سابق: 1/20.
(19) التاريخ الإسلامي مواقف وعبر، د. عبد العزيز الحميدي، 1/ 28ـ 35.
(20) انظر: صحيح مسلم، ح/ 2770، شرح النووي، 17/156.
(21) منـهـــاج السنة النبوية، 8/105، ولابن تيمية قاعدة للتمييز بين الصدق والكذب في المنقولات في غـايــــة الأهمية تجدها في منهاج السنة، 7/34 ـ 43، 7/ 419 ـ 479، وقد أنشأ (صادق عرجون) في كتابه: (خالد بن الوليد) نموذجاً محسوساً لمنهج النقد التاريخي جدير بالمطالعة. وقد نـاقــش فيه عدداً من الحوادث التي اضطربت فيها الروايات والآراء
مناقشة عقلية، وحاكمها محاكمة دقيقة. انظر مثلاً: ص: 265 - 279.
(22) د. العمري: 1/12ـ 17.
(23) ولقد رد الغزالي في (فقـه السيرة ص: 10) رواية البخاري في أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا بني المصطلق وهـم غــارُّون، بناءاً على أنه لا تجوز مباغته العدو إلا بعد إنذاره، مع أنه يجوز ذلك مع من بلـغـتـهــــم الدعوة. انظر: مناقشة لطيفة لرأيه في: أضواء على دراسة السيرة، للشامي: 44-46.
(24) د. العمري، مصدر سابق: 1/17.
(25) أبو شهبة، في السيرة النبوية: 1/26.
(26) انظر: صنيع د. العمري في السيرة: 1/20.
(27) مقدمة في السيرة، د. المحمود.
(28) انظر أضواء، للشامي، 36.
(29) فقه السيرة، ص 5.
(30) انظر: محمد رسول الله صلى الله عـلــيــــه وسلم، مدخل لدراسة السيرة النبوية، د. محمد الغمراوي، ص 15.
(31) ذكـره ابــن حـجـر في المطالب العالية المسندة: 4/420 (ح 4303) وقال: هذا حديث صحيح.
(32) أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء، ح/ 3445، (فتح 6/ 551).
(33) انظر أضواء، للشامي: 36، 37.
(34) انظر: محمد قطب، مصدر سابق: 59 ـ 72.
(35) انظر: الشامي: مصدر سابق: 39.
(36) د. العمري، في السيرة: 1/14 -15.
(37) الطيب برغوث، في منهج النبي صلى الله عليه وسلم في حماية الدعوة: 45.
(38) محمد أبو شهبة، السيرة النبوية: 1/17.
(39) انظر: الطيب برغوث، مصدر سابق.
(40) طه جابر العلواني، في مقدمته للسابق: 36 ـ 37.
(41) مـن المحـاولات الجيدة في هذا الصدد: كتاب منهج النبي صلى الله عليه وسلم فـي حماية الدعوة، للـطـيـب برغــــــوث، وكتاب في السيرة النبوية.. قراءة لجوانب الحماية والحذر، د. إبراهيم علي.
(42) انظر: عمر حسنة، مصدر سابق: 27.
(43) د. محمد سعيد البوطي، في فقه السيرة: 21، 41.
(44) أخرجه الخطيب في الجامع، الجزء الثامن: 2/ 252.
(45) المصدر السابق.
(46) انظر كلاماً قيماً لابن القيم في زاد المعاد، 4/ 69 ـ 70.
(47) أخرجه الحاكم في المستدرك، 3/ 358، وقال: صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي . وأخرجه البيهقي، 8/208، وابن سعد في الطبقات، 3/249.
(48) كما في الحديث الذي رواه البخاري، ح 4101 ( الفتح 7/456 ).
(49) عمر عبيد حسنة، مصدر سابق: 29 ـ 32.
(50) معالم أصول الفقه عند أهل السنة،محمد الجيزاني:127 ـ 132. وفي تفصيل الموضوع رسالة قيمة في أفعال الرسول، د. محمد الأشقر. وانظر: أفعال الرسول، للعروسي.
(51) انظر: كيف نكتب التاريخ الإسلامي، محمد قطب: 81.
(52) انظر: عمر عبيد حسنة، مصدر سابق: 21 ـ 23، 28 ـ 29.
(53) ذكره أحمد بن عبد الله الطبري في الرياض النضرة في مناقب العشرة،2/45،1/451، وقال: "خرجه النسائي بهذا اللفظ، ومعناه في الصحيحين"، ولم أقف عليه.
(54) مقدمة في السيرة، د. المحمود.
(55) طه العلواني، مصدر سابق، 27، 28.
(56) انظر: السابق، 26.
(57) انظر: عمر عبيد حسنة، مصدر سابق: 24 ـ 25.

القواعد الأساسية للحوار

يبنى الحوار على 3 قواعد :
مادة الحوار. صفات المحاور. المنصت (الطرف الآخر).
أولا .. مادة الحوار: أن تكون مادة الحوار معلومة الهدف واضحة الملامح. تحليل الموضوع إلى : مقدمة منطقية ( ماالذي تريد أن تطرحه ؟ ) نتيجة ( ماهي النتيجه التى ستصل إليها؟ ) أن لا تكون فيما يغضب الله..مثل الغيبه والنميمه والحث على الفساد. أن يكون الحوار بلغة مفهومه بين الطرفين. أن تكون في الموضع المناسب والوقت المناسب. أن يأخذ الحوار المدة التي يستحقها فلا يزيد ولا ينقص.
ثانيا : صفات المحاور الناجح : أخلص نيتك لله : أي إخلاص الحوار لله ، ابتغاء مرضاته وطلبا لثوابه. لا تستطرد : لا تشعب موضوع المناقشة، فإنه مضيعه للوقت ومباعدة بين القلوب. كن حنونا : لأن كسب القلوب أهم من كسب الموقف. جامل ولكن بصدق : جامل الناس تحز رق الجميع رب قيد من جميل وصنيع ربط آخر الحديث بأوله.
ثالثا : صفات المستمع ( المنصت ): جهز نفسك لعملية الانصات ولا تشغل نفسك بما يبدد انتباهك لكلام الطرف الآخر. لا تقاطع المحاور وأعطه فرصه كافيه للتعبير . حاول أن تفهم كل ما يقوله محدثك ، واستفسر عن كل ما تفهمه ولكن في الأوقات المناسبه. لا تجعل مشاعرك تؤثر في آرائك. اصغ بهدف الفهم والاستيعاب ، وليس بهدف المناقضة والرد. لا تصدر أحكاما مبكره بينك وبين نفسك. كن منشرح الصدر عند الاستماع .. وتذكر قول الشاعر: تراه يصغي للحديث بسمعه وبقلبه ، ولعله أدرى به !! كلمة أخيره : بمقدار إجادتنا لفنون الحوار والاقناع يكون نجاحنا وتميزنا في علاقاتنا واتصالنا مع الآخرين ..

سرعة القراءة والإستيعاب

· سرعة قراءتك:
كل نوع من القراءة لها سرعة مختلفة. قراءة رواية ممتعة مثلاً ستكون اسرع من قراءة كتاب في الاحياء.
الكتب المدرسية ايضا تختلف في جودتها وقدرتها على شرح المادة، ولهذا نجد بعضها صعب القراءة.
في كل فصل دراسي، حدد مقدار الوقت اللازم لقراءة فصل واحد من الكتاب. ثم حدد كم عدد الصفحات التي تسطيع قراءتها في الساعة. عندما تتمكن من تحديد سرعة قراءتك، عندها يمكنك من تقديروتخطيط الوقت اللازم لمراجعة كل مادة.
· الاستيعاب:
تصفح الفصل أولاً حدد الاجزاء التي يركز عليها المؤلف ويعطيها اكبر مساحة. إذا كان هناك العديد من الرسمات التوضحية عن أي فكرة او مصطلح ، فلابد أن تكون الفكرة مهمة. إذا ضايقك الوقت تجاوز الفصول الصغيرة وركز على الكبيرة منها.
إقراء الجملة الاولى من كل مقطع بعناية أكبر من بقية المقطع.
سجل ملاحظاتك على العناوين والجملة الاولى من كل مقطع قبل قراءة الكتاب. ثم اغلق الكتاب واسئل نفسك ماذا تعلمت عن المادة منذ بداية الدراسة وماتعرف عما لم تكن تعرفه.
ركز على الاسماء والضمائر وادوات الشرط في كل جملة..ابحث عن الافعال المرتبطة بالاسماء وركز عليها. مثلاً لاحظ القطعة التالية:
التشكيل الثقافي هو التعليم على ربط عاملين في البيئة ببعضهما. العامل الأول يؤدي الى رد فعل أو شعور معين. العامل الثاني محايد بطبعه بالنسبة لردة الفعل ، ولكن بعد ربطه بالأول هنا يحدث رد الفعل المتشكل عند الشخص منذ الصغر. مثال على التشكيل الثقافي ان كلمة وجه القمر تشير الى الجمال عند العرب ، لكنها تشير الى القبح عند الامريكيين.
بدلاً من قراءة كل كلمة، يمكنك تفكيك القطعة بصرياً.
التشكيل الثقافي = التعليم = ربط عاملين
العامل الاول يؤدي الى رد فعل
العامل الثاني = محايد بطبعه , لكن بعد ربطه بالأول --- يحدث رد الفعل.
بدلاً من قراءة الكتاب عدة مرات، اكتب المذكرات بهذه الطريقة التي تسجل النقاط المهمة من الكتاب. عندما تنتهي من كتابة المذكرات والملخصات، لن يكون هناك داعي لمراجعة الكتاب.

النموذج الأمثل للبيروقراطية

دراسة المدارس الإدارية القديمة والحديثة، ضروري لمساعدتنا على فهم الوضع الحالي للإدارة، حيث أن علم الإدارة بني على خليط من النظريات القديمة والحديثة، ودراسة الأشخاص الذين أسسوا هذه المدارس ضروري أيضاً لمعرفة تأثير البيئة التي عاشوا فيها على أفكارهم ونظرياتهم.
ومن هذا المنطلق نقدم لكم مختصرات حول هذه المدارس لتكون لنا كمفتاح ندخل منه إلى نظريات وشخصيات أسست علم الإدارة الحديث النموذج الأمثل للبيروقراطية (ماكس ويبر) البيروقراطية هي منظمات رسمية تدار فيها الأعمال بقصد تحقيق أهداف محددة، واعتبر ويبر النموذج الذي قدمه أكفأ نماذج التنظيم، والذي يكفل أداء الأعمال الكطلوبة حسب الخطط المحددة.
· وتتلخص خصائص النموذج البيروقراطي فيما يلي:
· توزيع السلطة هرمياً.
· تحديد العمل المطلوب وتعريفه واجباته تعريفاً دقيقاً. تعيين الموظفين على شروط دقيقة ومحددة سلفاً.
· تدريب الموظفين تدريباً فنياً دقيقاً على أعباء الوظيفة. الترقية تتم عن طريق الأقدمية.
· اتباع نظام دقيق يتكون من قواعد وإجراءات وتعليمات تتميز بالشمولية تكفل استمرار العمل.
· الإدارة تتم عن طريق الأوراق. · عيوب النموذج البيروقراطي: أهمل تأثير التنظيم غير الرسمي. ركز اهتمامه على الرقابة المحكمة وإجرائتها الدقيقة، الأمر الذي يعيق من حرية التصرف أو الإبداع.

ثقتي بنفسي كيف أبنيها

إن الثقة تكتسب وتتطور ولم تولد الثقة مع إنسان حين ولد ، فهؤلاء الأشخاص الذين تعرف أنت أنهم مشحونون بالثقة ويسيطرون على قلقهم، ولا يجدون صعوبات في التعامل و التأقلم في أي زمان أو مكان هم أناس اكتسبوا ثقتهم بأنفسهم..اكتسبوا كل ذرة فيها.
انعدام الثقة في النفس :
ماذا تعني كلمة نقص أو انعدام الثقة في النفس؟؟..أننا غالبا ما نردد هذه الكلمة أو نسمع الأشخاص المحيطين بنا يردون إنهم يفتقرون إلى الثقة بالنفس؟!..
إن عدم الثقة بالنفس سلسلة مرتبطة ببعضها البعض تبدأ:
أولا: بانعدام الثقة بالنفس.
ثانيا: الاعتقاد بأن الآخرين يرون ضعفك و سلبياتك.. وهو ما يؤدي إلى:
ثالثا: القلق بفعل هذا الإحساس و التفاعل معه.. بأن يصدر عنك سلوك و تصرف سيئ أو ضعيف ، وفي العادة لا يمت إلى شخصيتك و أسلوبك وهذا يؤدي إلى:
رابعا: الإحساس بالخجل من نفسك.. وهذا الإحساس يقودك مرة أخرى إلى نقطة البداية.. وهي انعدام الثقة بالنفس وهكذا تدمر حياتك بفعل هذا الإحساس السلبي اتجاه نفسك و قدراتك.. لكن هل قررت عزيزي القارئ التوقف عن جلد نفسك بتلك الأفكار السلبية،والتي تعتبر بمثابة موت بطيء لطاقاتك ودوافعك ؟ إذا اتخذت ذلك القرار بالتوقف عن إلام نفسك و تدميرها.. ابدأ بالخطوة الأولى:
تحديد مصدر المشكلة:
أين يكمن مصدر هذا الإحساس ؟؟ هل ذلك بسبب تعرضي لحادثة وأنا صغير كالإحراج أو الاستهزاء بقدراتي ومقارنتي بالآخرين ؟ هل السبب أنني فشلت في أداء شيء ما كالدراسة مثلا ؟أو أن أحد المدرسين أو رؤسائي في العمل قد وجه لي انتقادا بشكل جارح أمام زملائي؟هل للأقارب أو الأصدقاء دور في زيادة إحساسي بالألم؟ وهل مازال هذا التأثير قائم حتى الآن؟؟……أسئلة كثيرة حاول أن تسأل نفسك وتتوصل إلى الحل…كن صريحا مع نفسك .. ولا تحاول تحميل الآخرين أخطائك، وذلك لكي تصل إلى الجذور الحقيقية للمشكلة لتستطيع حلها ،حاول ترتيب أفكارك استخدم ورقة قلم واكتب كل الأشياء التي تعتقد أنها ساهمت في خلق مشكلة عدم الثقة لديك ، تعرف على الأسباب الرئيسية و الفرعية التي أدت إلى تفاقم المشكلة .
البحث عن حل:
بعد أن توصلت إلى مصدر المشكلة..أبدا في البحث عن حل .. بمجرد تحديدك للمشكلة تبدأ الحلول قي الظهور…اجلس في مكان هادئ وتحاور مع نفسك، حاول ترتيب أفكارك… ما الذي يجعلني أسيطر على مخاوفي و أستعيد ثقتي بنفسي ؟
إذا كان الأقارب أو الأصدقاء مثلا طرفا أو عامل رئيسي في فقدانك لثقتك ..حاول أن توقف إحساسك بالاضطهاد ليس لأنه توقف بل لأنه لا يفيدك في الوقت الحاضر بل يسهم في هدم ثقتك ويوقف قدرتك للمبادرة بالتخلص من عدم الثقة.
أقنع نفسك وردد:
· من حقي أن أحصل على ثقة عالية بنفسي وبقدراتي .
· من حقي أن أتخلص من هذا الجانب السلبي في حياتي.
ثقتك بنفسك تكمن في اعتقاداتك:
في البداية احرص على أن لا تتفوه بكلمات يمكن أن تدمر ثقتك بنفسك..فالثقة بالنفس فكرة تولدها في دماغك وتتجاوب مهما أي أنك تخلق الفكرة سلبية كانت أم إيجابية وتغيرها وتشكلها وتسيرها حسب اعتقاداتك عن نفسك …لذلك تبنى عبارات وأفكار تشحنك
بالثقة وحاول زرعها في دماغك.
انظر إلى نفسك كشخص ناجح وواثق و استمع إلى حديث نفسك جيدا واحذف الكلمات المحملة بالإحباط ،إن ارتفاع روحك المعنوية مسئوليتك وحدك لذلك حاول دائما إسعاد نفسك ..اعتبر الماضي بكل إحباطا ته قد انتهى ..وأنت قادر على المسامحة أغفر لأهلك… لأقاربك لأصدقائك أغفر لكل من أساء إليك لأنك لست مسؤولا عن جهلهم وضعفهم الإنساني.
ابتعد كل البعد عن المقارنة أي لا تسمح لنفسك ولو من قبيل الحديث فقط أن تقارن نفسك بالأخريين…حتى لا تكسر ثقتك بقدرتك وتذكر إنه لا يوجد إنسان عبقري في كل شئ..فقط ركز على إبداعاتك وعلى ما تعرف أبرزه، وحاول تطوير هوايات الشخصية…وكنتيجة لذلك حاول أن تكون ما تريده أنت لا ما يريده الآخرون..ومن المهم جدا أن تقرأ عن الأشخاص الآخرين وكيف قادتهم قوة عزائهم إلى أن يحصلوا على ما أرادوا…اختر مثل أعلى لك وادرس حياته وأسلوبه في الحياة ولن تجد أفضل من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، مثلا في قدرة التحمل والصبر والجهاد من أجل هدف سام ونبيل وهو إعلاء كلمة الله تعالى ونشر دينه.
بنك الذاكرة:
يقودنا النقص الزائد في الثقة بالنفس مباشرة إلى ذاكرة غير منتظمة فالعقل يشبه البنك كثيرا، إنك تودع يوميا أفكارا جديدة في بنكك العقلي وتنمو هذه الودائع وتكوِن ذاكرتك …حين تواجه مشكلة أو تحاول حل مشكلة ما فإنك في الواقع الأمر تسأل بنك ذاكرتك: ما الذي أعرفه عن هذه القضية ؟.. ويزودك بنك ذاكرتك أوتوماتيكيا بمعلومات متفرقة تتصل بالموقف المطلوب ..بالتالي مخزون ذاكرتك هو المادة الخام لأفكارك الجديدة ..أي أنك عندما تواجه موقف ما ..صعبا…فكر بالنجاح ،لا تفكر بالفشل استدعي الأفكار الإيجابية..المواقف التي حققت فيها نجاح من قبل …لا تقل : قد أفشل كما فشلت في الموقف الفلاني..نعم أنا سأفشل…بذلك تتسلل الأفكار السلبية إلى بنكك …و تصبح جزء من المادة الخام لأفكارك . حين تدخل في منافسة مع أخر ،قل : أنا كفء لأكون الأفضل، ولا تقل لست مؤهلا، إجعل فكرة (سأنجح)هي الفكرة الرئيسية السائدة في عملية تفكيرك . يهيئ التفكير بالنجاح عقلك ليعد خطط تنتج النجاح، وينتج التفكير بالفشل فهو يهيئ عقلك لوضع خطط تنتج الفشل. لذلك احرص على إيداع الأفكار الإيجابية فقط في بنك ذاكرتك،واحرص على أن تسحب من أفكارك إيجابية ولا تسمح لأفكارك السلبية أن تتخذ مكانا في بنك ذاكرتك.
عوامل تزيد ثقتك بنفسك:
· عندما نضع أهداف وننفذها يزيد ثقتنا بنفسنا مهما كانت هذه الأهداف.. سواء على المستوى الشخصي.. أو على صعيد العمل.. مهما كانت صغيره تلك الأهداف.
· اقبل تحمل المسؤولية.. فهي تجعلك تشعرك بأهميتك.. تقدم ولا تخف.. اقهر الخوف في كل مرة يظهر فيها.. افعل ما تخشاه يختفي الخوف.. كن إنسانا نشيطا.. اشغل نفسك بأشياء مختلفة..استخدم العمل لمعالجة خوفك.. تكتسب ثقة أكبر.
· حدث نفسك حديثا إيجابيا..في صباح كل يوم وابدأ يومك بتفاؤل وابتسامة جميلة.. واسأل نفسك ما الذي يمكنني عمله اليوم لأكون أكثر قيمة؟ تكلم! فالكلام فيتامين بناء الثقة.. ولكن تمرن على الكلام أولا.
· حاول المشاركة بالمناقشات واهتم بتثقيف نفسك من خلال القراءة في كل المجالات.. كلما شاركت في النقاش تضيف إلى ثقتك كلما تحدثت أكثر، يسهل عليك التحدث في المرة التالية ولكن لا تنسى مراعاة أساليب الحوار الهادئ والمثمر.
· اشغل نفسك بمساعدة الآخرين تذكر أن كل شخص آخر، هو إنسان مثلك تماما يمتلك نفس قدراتك ربما أقل ولكن هو يحسن عرض نفسه وهو يثق في قدراته أكثر منك.
· اهتم في مظهرك و لا تهمله.. ويظل المظهر هو أول ما يقع عليه نظر الآخرين.
· لا تنسى.. الصلاة وقراءة القران الكريم يمد الإنسان بالطمأنينة والسكينة.. وتذهب الخوف من المستقبل.. تجعل الإنسان يعمل قدر استطاعته ثم يتوكل على الله.. في كل شيء.

سؤال و جواب عن تنظيم الوقت

قبل أن نبدأ
في هذه الدورة نستعرض جملة من الاعتراضات والاستفسارات حول مسألة تنظيم الوقت وإدارة الذات، وهو أسلوب يقرب الفكرة التي نريد إيصالها للقارء الكريم. وأتمنى أن ترسل لنا باستفسارك إن لم تجد جواباً له في هذه الدورة.
ما هي فوائد تنظيم الوقت؟
الفوائد كثيرة، منها ما هو مباشر وتجد نتائجه في الحال، ومنها ما تجد نتائجه على المدى الطويل، لذلك عليك أن لا تستعجل النتائج من تنظيمك للوقت، ومن فوائد تنظيم الوقت:
· الشعور بالتحسن بشكل عام في حياتك.
· قضاء وقت أكبر مع العائلة أو في الترفيه والراحة.
· قضاء وقت أكبر في التطوير الذاتي.
· إنجاز أهدافك وأحلامك الشخصية.
· تحسين إنتاجيتك بشكل عام.
· التخفيف من الضغوط سواء في العمل أو ضغوط الحياة المختلفة.
كيف أعرف مدى استفادتي من وقتي؟ وكيف أعرف العوامل المبددة لوقتي؟
سؤال جوهري ومهم، تتطلب معرفة مدى استفادتك للوقت والعوامل المضيعة لوقتك أن تقوم بعمل سجل يومي لمدة أسبوع مثلاً وتدون فيه تفاصيل الأعمال التي قضيت فيها وقتك وكذلك كم أخذ كل عمل من الوقت، فتكتب حتى الأمور البسيطة والصغيرة والتي قد تضيع من وقتك دقائق يومياً لكن في نهاية الأسبوع قد تجد هذه الدقائق تحولت لساعات.
قم بتصميم جدول مفصل لكل يوم، وقسمه إلى عدد ساعات يومك وهي تقريباً 16 ساعة على افتراض أن النوم يأخذ 8 ساعات، وقم بتقسيم كل ساعة إلى 4 أقسام أي 15 دقيقة، وقسم الساعات إلى أعمال ومقدار الوقت المهدر لكل عمل. هذا اقتراح للجدول، المهم أن يوضح لك الجدول الأعمال ومقدار الوقت المهدر لكل عمل.
بعد ذلك عليك أن تقوم بتحليل الجدول وتبحث في عوامل تبديد الوقت فتزيلها وتسأل نفسك، هل هناك فرصة لتنظيم الوقت بشكل أفضل؟ إن كانت الإجابة بنعم - وهي كذلك دائماً - فعليك أن تبحث عن هذه الفرصة.
أنا مشغول ولا يوجد لدي وقت للتنظيم!
يحكى أن حطاباً كان يجتهد في قطع شجرة في الغابة ولكن فأسه لم يكن حاداً إذ أنه لم يشحذه من قبل، مر عليه شخص ما فرأها على تلك الحالة، وقال له: لماذا لا تشحذ فأسك؟ قال الحطاب وهو منهمك في عمله: ألا ترى أنني مشغول في عملي؟!
من يقول بأنه مشغول ولا وقت لديه لتنظيم وقته فهذا شأنه كشأن الحطاب في القصة! إن شحذ الفأس سيساعده على قطع الشجرة بسرعة وسيساعده أيضاً على بذل مجهود أقل في قطع الشجرة وكذلك سيتيح له الانتقال لشجرة أخرى، وكذلك تنظيم الوقت، يساعدك على إتمام أعملك بشكل أسرع وبمجهود أقل وسيتيح لك اغتنام فرص لم تكن تخطر على بالك لأنك مشغول بعملك.
وهذه معادلة بسيطة، إننا علينا أن نجهز الأرض قبل زراعتها، ونجهز أدواتنا قبل الشروع في عمل ما وكذلك الوقت، علينا أن نخطط لكيفية قضائه في ساعات اليوم.
لا أحتاج تنظيم الوقت لكل شيء، فقط المشاريع الكبيرة تحتاج للتنظيم!
في إحصائيات كثيرة نجد أن أمور صغيرة تهدر الساعات سنوية، فلو قلنا مثلاً أنك تقضي 10 دقائق في طريقك من البيت وإلى العمل وكذلك من العمل إلى البيت، أي أنك تقضي 20 دقيقة يومياً تتنقل بين البيت ومقر العمل، ولنفرض أن عدد أيام العمل في الأسبوع 5 أيام أسبوعياً.
5 أيام × 20 دقيقة = 100 دقيقة أسبوعياً
100 دقيقة أسبوعياً × 53 أسبوعاً = 5300 دقيقة = 88 ساعة تقريباً!!
لو قمت باستغلال هذه العشر دقائق يومياً في شيء مفيد لاستفدت من 88 ساعة تظن أنت أنها وقت ضائع أو مهدر، كيف تستغل هذه الدقائق العشر؟ بإمكانك الاستماع لأشرطة تعليمية، أو حتى تنظم وقتك ذهنياً حسب أولوياتك المخطط لها من قبل، أو تجعل هذا الوقت مورداً للأفكار الإبداعية المتجددة، وهذا الوقت شخصياً أستغله لاقتناص مشاهدات لأقوم فيما بعد بتدوينها في مقالات.
أود أن أنظم وقتي لكن الآخرين لا يسمحون لي بذلك!
من السهل إلقاء اللائمة على الآخرين أو على الظروف، لكنك المسؤول الوحيد عن وقتك، أنت الذي تسمح للآخرين بأن يجعلوك أداة لإنهاء أعمالهم، أعتذر للآخرين بلباقة وحزم، وابدأ في تنظيم وقتك حسب أولوياتك وستجد النتيجة الباهرة. وإن لم تخطط لنفسك وترسم الأهداف لنفسك وتنظم وقتك فسيفعل الآخرون لك هذا من أجل إنهاء أعمالهم بك!! أي تصبح أداة بأيديهم.
ألن أفقد بتنظبمب للوقت تلقائيتي والعفوية وأصبح كالآلة؟
لا أبداً، المسألة لا ينظر لها هكذا، تنظيم الوقت لا يعني أن تصبح آلة تنفذ الأعمال المخطط لها فقط، إن تنظيم الوقت يجب أن يكون مرناً حتى لا تبح كالآلة، فنحن مهما حاولنا أن نتوقع كيفية تنظيم أوقاتنا فستأتينا أمور وأشياء لم نكن نتوقعها، هنا علينا أن نفكر في الأمر، هل الذي خططت له أهم أم هذا الأمر الذي طرء مؤخراً؟ تختلف الإجابة على هذا السؤال باختلاف أهمية ما خططت له، لذلك التلقائية تعزز أكثر وتصبح عقلانية أكثر وقد كانت قبل التنظيم تلقائية فوضوية.
أليست كتباة الأهداف والتخطيط مضيعة للوقت؟
افرض أنك ذاهب لرحلة ما تستغرق أياماً، ماذا ستفعل؟ الشيء الطبيعي أن تخطط لرحلتك وتجهز أدواتك وملابسك وربما بعض الكتب وأدوات الترفيه قبل موعد الرحلة بوقت كافي، والحياة رحلة لكنها رحلة طويلة تحتاج منا إلى تخطيط وإعداد مستمرين لمواجهة العقبات وتحقيق الإنجازات.
ولتعلم أن كل ساعة تقضيها في التخطيط توفر عليك ما بين الساعتين إلى أربع ساعات من وقت التنفيذ، فما رأيك؟ تصور أنك تخطط كل يوم لمدة ساعة والتوفير المحصل من هذه الساعة يساوي ساعتين، أي أنك تحل على 730 ساعة تستطيع استغلالها في أمور أخرى كالترفيه أو الاهتمام بالعائلة أو التطوير الذاتي.
سأفقد أوقات الراحة والترفيه إذا نظمت وقتي!
هذه فكرة خطأ عن تنظيم الوقت وللأسف يؤمن الكثيرون بهذه الفكرة، إن تنظيم الوقت عادة شخصية ترتبط بالشخص نفسه، فهو الذي يحدد أوقات الجد وأوقات الترفيه والراحة، والتنظيم يهدف فقط إلى تحقيق أفضل إنجازات وتخفيض الضغوط عن كاهل الشخص وكذلك إتاحة وقت له كي يطور نفسه ويتعلم ويمارس هواياته، تنظيم الوقت لا يعني الجدية التامة هو فقط يعني التنظيم في كل شيء حتى الترفيه يصبح منظماً وموجهاً أيظاً.
فمثلاً، تود قضاء وقت مع العائلة في رحلة، حدد لها موعداً وقم بالإعداد المسبق لهذه الرحلة وكيف أعمالك وارتباطاتك لكي لا تضيع عليك وقت الرحلة، وبذلك تربح عدة أمور، أولاً: رفهت عن نفسك، ثانياً: رفهت عن عائلتك، ثالثاً: يزداد الترابط بينك وبين عائلتك لأنك وضعت عائلتك ضمن دائرة الاهتمام وخططت لكي تقوم بأنشطة فعلية لصالح عائلتك.
لا أستطيع الاستمرار في التنظيم لظروف تمر بي، فماذا أفعل؟
لا تقلق أبداً فهذا شيء طبيعي، المرأة الحامل مثلاُ أو التي أنجبت طفلاً، عليها أن تهتم بطفلها لمدة سنتين أو أكثر وعلى طوال اليوم، فكيف تنظم وقتها؟ عليها أن تنسى الدفاتر والجداول وتضع جدول وحيد فقط حتى تهتم بالطفل الصغير، تضع فيه مواعيد زيارة المستشفى مثلاً وكذلك تحدد لنفسها كتب تقرأها في وقت فراغها عن تربية الأطفال مثلاً، هذا مثال بسيط وقس عليه أمثلة أكبر.
في الإجازات مثلاً، هل نحتاج لتنظيم الوقت أم لاستغلال الوقت؟ هناك فرق كبير طبعاً، أنا بحاجة لاستغلال وقت الفراغ في الإجازة لصالح تنمية مهاراتي ومعلوماتي أو حتى الترفيه عن نفسي، وبهذا قد لا أحتاج إلى الجدولة والتنظيم، لذلك لا تقلق إن مرت بك ظروف تجبرك على عدم التنظيم.
لا يوجد لدي حاسوب لتنظيم وقتي!
الحاسوب أداة مرنة وسهلة وممتازة لتنظيم الوقت، لكن ليس كل من لا يملك حاسوباً لا يستطيع تنظيم وقته، هذا ليس بعذر أبداً، كل ما تحتاجه مفكرة وقلم وجدول، وهناك دفاتر خاصة لتنظيم الوقت وسعرها رخيص نسبياً وهي أدوات ممتازة لتنظيم الوقت.
لا أحتاج لكتابة أهدافي أو التخطيط على الورق، فأنا أعرف ماذا علي أن أعمل.
لا توجد ذاكرة كاملة أبداً وبهذه القناعة ستنسى بكل تأكيد بعض التفاصيل الضرورية والأعمال المهمة والمواعيد كذلك، عليك أن تدون أفكارك وأهدافك وتنظم وقتك على الورق أو على حاسوب المهم أن تكتب، وبهذا ستكسب عدة أمور، أولاً: لن يكون هناك عذر اسمه نسيت! لا مجال للنسيان إذا كان كل شيء مدون إلا إذا نسيت المفكرة نفسها أو الحاسوب!! ثانياً: ستسهل على نفسك أداء المهمات وبتركيز أكبر لأن عقلك ترك جميع ما عليه أن يتذكره في ورقة أو في الحاسوب والآن هو على استعداد لأني يركز على أداء مهمة واحدة وبكل فعالية.
حياتي سلسلة من الأزمات المتتالية، كيف أنظم وقتي؟!
تنظيم الوقت يساعدك على التخفيف من هذه الأزمات وفوق ذلك يساعدك على الاستعداد لها وتوقعها فتخف بذلك الأزمات وتنحصر في زاوية ضيقة، نحن لا نقول بأن تنظيم الوقت سينهي جميع الأزمات، بل سيساعد على تقليصها بشكل كبير.
هل يساعدني الحاسوب على تنظيم وقتي؟
طبعاً، والحاسوب أداة مرنة لتنظيم الوقت كل ما عليك هو اختيار برنامج مناسب لاحتياجاتك واستخدامه بشكل دائم.
هل هناك أسلوب واحد يصلح لكل الناس في تنظيم الوقت؟
لا ليس هناك أسلوب واحد يصلح لكل الناس، إن كل فرد من البشر له خصائصه وظروفه الخاصة لذلك وجب عليه أن يكون مسؤولاً عن نفسه ويقوم بتنظيم وقته حسب حاجته هو.
ما هي خطوات تنظيم الوقت؟
مجموعة خطوات سهلة ويسيرة شرحنها في دورة سابقة، ارجع لتلك الدورة وستجد ما يسرك
http://www.alnoor-world.com/learn/general/timeorg.htm
ما هي أدوات تنظيم الوقت؟
الأدوات كثيرة، تستطيع مثلاً أن تصمم أداتك بنفسك، كتخطيط جدولك الخاص على الحاسوب، أو يمكنك شراء مفكرة صغيرة، أو دفتر مواعيد، أو منظم شخصي متكامل يحوي على شهور السنة وقائمة للأعمال وقائمة أخرى للهواتف وغيرها من الأمور الضرورية، أو يمكنك استخدام حاسوبك لهذا الشيء، او مفكرة إلكترونية، المهم أن تكون أداة مرنة وتصلح لاحتياجاتك.

الصورة الذهنية تعكس الحقائق أحيانا

تتكون لدى الفرد منا صور في ذهنه عن أشخاص وأمور معينة، وعادة ما تؤدي هذه الصور إلى إصدار أحكام قد تجانب الصواب، لأنها مبنية على هذه الصور الذهنية وليست على الواقع! سأضرب لكم مثالا، وهو تجربة عايشتها، لَعِـبَـتْ فيها الصورة الذهنية دورا كبيرا. لكن قبل سرد القصة، سأضع مقارنة بين:
القائد والمدير، مقتبسة من مقالة للكاتب: إبراهيم عبد ربه.
المدير القائد
-يترأس بعض الموظفين -يكسب اتباعاً
-يتفاعل مع التغيير -يعمل التغيير بنفسه
-لديه أفكار جيدة -يطبق الأفكار
-يحكم المجموعات -يقنع أتباعه
-يحاول أن يكون بطلا -يصنع الأبطال
-يبقي على الأوضاع على ما هي عليه -يرقى بالمؤسسة إلى آفاق عالية نرى من هذه المقارنة الفرق الكبير بين تصرفات المدير والقائد. لكن في التجربة التي سأرويها تحوّل "المدير" إلى "قائد" ليس بتصرفاته، إنما بسبب الصورة الذهنية في عقول من معه! بطل حكايتنا شاب يشارك في أحد المراكز الشبابية. ومن عادة دولتنا الحبيبة، إقامة مسابقة ثقافية بين الأندية والمراكز الشبابية. يتكون كل فريق من اثنا عشر لاعبا، يشارك خمسة منهم فقط في كل مباراة. ويشترط أن لا يقل عمر المتسابق عن خمسة عشر سنة وألا يزيد عن خمسة وعشرين سنة. وصاحبنا هذا بدأ بالمشاركة مذ كان عمره ستة عشر سنة، وكان أصغر لاعب في الفريق، لذا غالبا ما كان يتواجد على مقاعد الاحتياط. وتمر الأيام، ولا يحقق الفريق أي إنجازات تذكر، ويكبر اللاعبون، ويتجاوز أعمار بعضهم الخامسة والعشرون، فيتم استبدالهم بشباب جدد، وشيئا فشيئا بدأ يدخل صاحبنا في التشكيلة الأساسية للفريق. وبعد خمس سنوات، لم يبقى أي متسابق من الجيل القديم، وتكون فريق جديد شاب بقيادة بطل قصتنا. في آخر سنتين استطاع الفريق تحقيق المركزين الثالث، ثم الثاني. أي أن على هذا الفريق الشاب إما المحافظة على المركز الثاني أو تحقيق مركز أعلى! وهذا التحدي الذي كان أمامه. ولم يكن أحد متفائل بما يمكن تحقيقه هذه السنة بهذا الفريق الشاب. والآن.. وصلنا لما أريد تبيانه.. وهو: الصورة الذهنية. كان أعضاء الفريق ينظرون لصاحبنا على أنه: مثقف وصاحب خبرة، وأنه "قائد ناجح". أما هو فيعلم أنه ليس كذلك. كان أعضاء الفريق يحرصون كل الحرص على تواجده في كل مباراة، وكانت ظروف عمله الذي ينتهي قبل بدء المباريات بوقت قصير، لا تمكنه من الحضور إلا متأخرا، مما يجعل فريقه في لحظات ترقب إلى حين وصوله، ومن ثم تتهلل وجوههم فرحا، أما هو فلا يرى مبررا لهذا الفرح، فثقافته ليست أفضل من ثقافة بقية اللاعبين بكثير وأي منهم بإمكانه سد مكانه. الأهم من كل ذلك.. أن صاحبنا كان يقوم بما يقوم به المدير في المقارنة أعلاه (يترأس بعض الموظفين، يتفاعل مع التغيير، يحكم المجموعات، يبقي على الأوضاع على ما هي عليه) بينما يراه من معه بأنه يقوم بمهام القائد الناجح (يكسب اتباعاً، يعمل التغيير بنفسه، يطبق الأفكار، يقنع أتباعه، يرقى بالمؤسسة إلى آفاق عالية). إن هذه الصورة الذهنية هي التي جعلت بطلنا قائدا وليست تصرفاته. إن تحول صاحبنا إلى قائد –في أذهان أتباعه فقط- ساعد فريقه على الظهور بحجم هذا التحدي، وإحراز المركز الأول بفضل من الله تعالى. ثم ماذا؟! كان أول سؤال يسأله أعضاء الفريق لقائدهم: كم عمرك؟ فأجابهم: واحد وعشرون. فظهرت علامات الرضى والسرور على وجوههم وقالوا: إذن ستبقى معنا أربع سنوات أخرى إن شاء الله. وظل أعضاء الفريق يرددون أنه لولا فضل الله ثم قيادته الرائعة لهم لما حققوا النصر. وهو يعلم علم اليقين أنه لم يكن قائدا ناجحا، وإنما كان مديرا روتينيا، إلا أن "الصورة الذهنية" لديهم هي سبب هذا الاعتقاد. أخيرا.. الصورة الذهنية في مثالنا هذا أدت إلى نتائج إيجابية، إلا إنها ليست هكذا دائما، فكثيرا ما يصدر الإنسان أحكاما خاطئة، نتيجة تأثير الصورة الذهنية عليه حينما أصدر الحكم، ولم ينظر لحقائق الأمور. لذا علينا محاولة التخفيف من الاعتماد على الصورة الذهنية لإصدار الأحكام، والاستعاضة عنها بالنظر لحقائق الأمور.

المقابلات

العد التنازلي للمقابلة
إن دعوتك لإجراء مقابلة تعني أنك تجاوزت الخطوة الأولى وهي تقديم طلب التوظيف، وغالبا ما تكون هذه الأوراق قد أعطت انطباعا جيدا لدى أصحاب العمل ولذلك تمت دعوتك لهذه المقابلة. لذا عليك تجهيز نفسك جيدا حتى لا تضيع فرصة الحصول على هذا العمل.
الحصول على المعلومات
حاول الحصول على معلومات عن الشركة والوظيفة التي ستتم مقابلتك لأجلها – بإمكانك سؤال أصحاب العمل إن كانت لديهم أي نشرات أو مجلات أو مطويات تحتوي على معلومات عنهم. حاول الحصول على إجابات للأسئلة التالية:
· ماذا يفعلون / يصنعون / يبيعون ؟
· من هم عملائهم ؟
· من أي نوع هم من المنظمات ؟
· معلومات مالية – رأس المال ، الأرباح وغيرها.
· ماذا يتضمن العمل بالضبط ؟
· في رأيك، ما نوع الشخص المطلوب لهذا العمل ؟
· كيف يمكنك أن تجعل مهاراتك ملائمة للعمل ؟
خطط للمقابلة
· من سيجري لك المقابلة ؟ إن كان مديرك المستقبلي هو من سيجري لك المقابلة، فستحتوي المقابلة على الكثير من التفاصيل. أما لو كان مدير شؤون الموظفين هو من سيجري المقابلة، فستكون التفاصيل أقل، ولكن ستبقى المقابلة اختبار لك.
· هل يوجد اختبار عليك القيام به؟ حاول معرفة ذلك قبل المقابلة واطلب أمثلة عن الأمور التي سيطلب منك أداءها.
· إن كانت لديك إعاقة، اتصل بالقسم الطبي في الشركة للقيام بالترتيبات اللازمة. قبل يوم من المقابلة، تأكد من قياهم بالترتيبات اللازمة.
خطط لرحلتك
اسأل عن الوقت الذي يستغرقه الطريق لمكان إجراء المقابلة، وكيفية الوصول له. اطلب خريطة للطريق أو اسأل عن العلامات المميزة.
فكر بما سترتديه
· أعط نفسك متسع من الوقت للتفكير بما سترتديه واعمل على أن تكون الملابس جاهزة قبل المقابلة بيوم.
· ليس عليك شراء ملابس جديدة، فالملابس النظيفة المرتبة ستفي بالغرض.
· إن كان مظهرك حسنا، ستشعر براحة أكثر.
جمّع المعلومات التي ستحتاجها في المقابلة
· أمور من الممكن أن تساعدك، مثل السيرة الذاتية.
· أمور طلبها أصحاب العمل أو يمكنك إعطائهم إياها، مثل الشهادات، أمثلة على أعمالك، وغيرها.
· أعد قراءة إعلان الوظيفة لتجديد معلوماتك عنها – تأكد من أنك لم تفقد شيئا.
أخيرا
حاول أن تنام جيدا في الليلة السابقة.
أسئلة وإجابات المقابلات
فيما يلي قائمة بعشرين سؤالا من الممكن أن تطرح عليك في المقابلة. وبعض المقترحات التي قد ترغب بالاستعانة بها لتحضير إجابتك. الاستعداد التام سيعطيك الثقة لتقدم أفضل ما لديك في المقابلة.
1- لماذا ترغب بالعمل هنا؟
حاول الإشارة إلى:
· سمعة الشركة الجيدة.
· أي معلومة إيجابية أخرى تعرفها عن الشركة، مثل: توجد لديكم سجلات للتدريب، فرص متساوية للجميع.
· العمل هنا يتيح لك الفرصة للعمل في أمور تحبها.
2- لماذا تركت عملك السابق؟
اشرح باختصار وبصدق أسباب تركك للعمل السابق. قل أي أمر إيجابي يمكنك قوله. على سبيل المثال: إذا تركت العمل لأسباب صحية، أشر إلى أنك قادر الآن على تحمل كافة المهام المنوطة بالعمل الجديد. لا تنسى أن تشير إلى أنك قد تعلمت واكتسبت خبرة من عملك السابق في تحمل المسؤوليات.
3- هل قمت بهذه النوعية من الأعمال من قبل؟
· نعم: أخبرهم بالمهارات التي لديك وكيف يمكنك الاستفادة منها.
· لا: صف خبرات لأعمال أخرى ستمكنك من تعلم هذا العمل بسرعة. أكد على اهتمامك وحماسك للتعلم.
4- ما الذي كنت تقوم به في عملك السابق؟
صف:
· المهارات والمهام ذات العلاقة بالعمل الجديد.
· الآلات والمعدات المستخدمة.
· مسؤولياتك.
· الأشخاص الذين تعاملت معهم.
· كم بقيت هناك.
· الترقيات التي حصلت عليها.
5- أي نوع من المعدات والأجهزة يمكنك تشغيله؟
· اذكر أي نوم من المعدات ذات العلاقة بالعمل الجديد.
· تدريبك ومؤهلاتك.
· المدة التي شغّلت فيها هذه المعدات والأجهزة.
6- كم هي المدة التي بقيتها بلا عمل؟ وكيف كنت تقضي وقتك؟
صف:
· كيف كنت تبحث عن العمل.
· الأعمال التطوعية.
· الدراسات الإضافية.
· هواياتك... الخ.
7- لماذا لديك:
أأعمال كثيرة ؟ ب) عمل واحد فقط ؟
حاول الإشارة إلى الأمور التالية في كل حالة:
أ)
· رغبتك في توسيع خبرتك في الأعمال والشركات المختلفة.
· الكثير من الأعمال كانت مؤقتة.
· أنك تفضل أن تبقى في عمل بدلا من الجلوس بلا عمل.
ب)
· كان لديك العديد من الأعمال المختلفة ضمن وظيفتك الأخيرة.
· العمل كان يمنح الفرصة للتطور.
· العمل كان ممتعا.
8- لماذا علي أن أقبلك لشغل هذه الوظيفة؟
· كن مستعدا لهذا السؤال وجاوب بثقة وإيجابية.
· صف مهاراتك وخبراتك وعلاقتها بهذا العمل.
· طمئن صاحب الشركة وأشعره بأنك نشيط في العمل وبارع فيه ومحل للثقة.
9- ألست:
أ) صغيرا ؟ ب) كبيرا ؟
صف:
أ)
· خبراتك التي اكتسبتها إلى وقتنا الحالي متضمنة تدريبك وخبراتك الإشرافية.
· اشرح أنك قادر على إثبات نفسك، والتأقلم، والتعلم بسرعة... الخ.
ب)
· بحاجة لتدريب أقل.
· إمكانيتك اتخاذ القرارات بسرعة.
· تطلعك إلى سنوات إنتاجية جديدة.
· ما زال بإمكانك التأقلم مع التغيير.
· تاريخ عملك الجيد.
10- ألا ترى أن تأهيلك أعلى مما هو مطلوب في الوظيفة؟
أكد على أنك:
· تتطلع لشيء جديد، مختلف، وحيوي.
· بإمكانك تلقي التعليمات بنفس إمكانيتك لإصدارها.
11- كيف يمكنك مجارات الناس والتماشي معهم؟
· صف كيف كنت تعمل سابقا ضمن فريق.
· أشر إلى قدرتك على مجارات الناس من كافة المستويات.
· أعط أمثلة.
12- ما الذي يصنع عضوا جيدا في الفريق؟
صف المهارات المطلوبة:
· قدرة عالية على الاتصال.
· المرونة.
· التكيّف.
· التعاون.
· الشعور بالآخرين... الخ.
وكيف يمكنك إظهار هذه المهارات من خلال أنشطة عملك السابق.
13- كيف يمكنك معالجة ضغط العمل؟
صف الضغط في أعمالك السابقة مستخدما أمثلة حديثة، مثل: كيف تصرفت مع تغيير الموعد النهائي لإنجاز أمر ما، إنهاء طلبات بسرعة بالغة، التعامل مع العجز في الموظفين.
14- ما هي نقاط قوتك ونقاط ضعفك؟
ينبغي أن يكونوا على دراية بنقاط قوتك وضعفك وذلك من المعلومات الموجودة في طلبك للحصول على الوظيفة وسيرتك الذاتية التي قدمتهما.
· ابدأ بشرح أجزاء من عملك السابق كانت صعبة عليك، ثم اشرح كيف تمكنت من التغلب على هذه الصعوبات.
· كن موجزا بشكل ملائم لكن بصدق.
أصحاب العمل يقدرون الأشخاص الذين يعترفون بأخطائهم أكثر من الذي يلقونها على الآخرين.
15- ماذا تود أن تعمل في السنوات الخمسة المقبلة؟
بيّن لهم أنك تريد أن تعمل في نفس الشركة طوال المدة على أن تتم عملية التطوير من خلالها.
16- متى أخر مرة فقدت فيها أعصابك؟
تجنب إعطاء أمثلة من العمل. احكي أمورا من حياتك الخاصة مع إيضاح أنك لن تفعلها ثانية. واشرح ما الذي تعلمته من هذه الخبرة.
17- ما هو الراتب الذي تتوقعه؟
إن كان مستوى الراتب قابلا للتفاوض: كن مستعدا للتفاوض. ولكن كن حذرا، طلبك العالي جدا قد يخرجك من المنافسة على الوظيفة، وبطلبك المنخفض جدا قد تكون أن الخاسر مستقبلا. حاول أن تعرف مسبقا مستويات الرواتب قبل حضور المقابلة.
18- كيف كان معدل غيابك عن عملك السابق؟
· إن كان نادرا، أخبرهم بذلك.
· إن كان الغياب مشكلة تواجهك، اشرح لهم أسباب ذلك، لتطمئن أصحاب العمل على حل هذه المشكلة.
· إن كانت لديك إعاقة، ناقش معهم بحرية الحلول المتاحة، وكن إيجابيا.
19- متى ستكون جاهزا للبدء في العمل؟
لتكن إجابتك: "في أسرع وقت ممكن"! لا تضع أي عقبات في الطريق.
20- هل لديك أية أسئلة؟
عادة ما يطرح هذا السؤال في نهاية المقابلة. جهز نفسك للسؤال عما تريد معرفته عن الوظيفة والشركة.. هذه بعض الأمثلة:
· لماذا هذه الوظيفة شاغرة؟
· لماذا رحل آخر موظف عنها؟
· من سيكون مسؤولي المباشر؟
· ما هو التدريب الذي أحتاجه؟
· ماذا سيكون عملي الأول؟
· متى سأتلقى جوابكم على طلب التوظيف؟
· كيف سيدفع لي؟
الاستعداد التام للمقابلة سيعطيك الثقة لتقدم أفضل ما لديك.
يوم المقابلة
قبل المغادرة:
· أعط نفسك متسع من الوقت للوصول.
· تأكد من اصطحاب جميع الأوراق المطلوبة.
· إذا تأخرت بشكل خارج عن إرادتك، اتصل بأصحاب العمل لشرح الظروف والاعتذار ومحاولة تحديد موعد آخر.
عند الوصول:
· احرص على الوصول قبل المقابلة بعشر دقائق.
· أعط اسمك لموظفي الاستقبال أو الشخص الموجود لاستقبالك.
· حاول أن تبقى هادئا.
· تحدث مع موظفي الاستقبال أو الشخص الذي استقبلك قبل الدخول للمقابلة. هذا سيساعدك على أن تبقى هادئا.
المقابلة:
أولا، اعلم أن علامات توتر الأعصاب (سرعة دقات القلب، ترطّب الأيادي، واضطراب المعدة) أمر طبيعي. هذه هي طريقة جسمك الطبيعية لمواجهة التحديات والاختبارات، فلا تدعها تؤثر عليك.
هذه نصائح عامة قد تساعدك:
افعل:
· ادخل الغرفة بثقة.
· قم بمصافحتهم، وعرفهم بنفسك.
· كن مهذبا وودودا. انظر مباشرة لعيون من يجري معك المقابلة بمجرد دخولك الغرفة.
· ابدو مهتما. كما أن عليك الإجابة على أسئلتهم، بإمكانك طرح الأسئلة عليهم.
· أجب على الأسئلة بأكبر قدر ممكن من الشمول. تجنب إجابات نعم ولا.
· استخدم أمثلة لتبين إنجازاتك.
· اخبرهم بالحقيقة.
· استفسر إن لم تفهم أي سؤال.
· تكلم بوضوح.
· سوّق نفسك. اعرض نقاطك الجيدة ومزاياك، وكن إيجابيا.
· حاول أن تبتسم بود، لكن لا تصطنع الابتسامة.
لا تفعل:
· تجلس حتى يقوموا بدعوتك.
· تترهل وتتململ على الكرسي.
· تدخن.
· تحلف.
· انتقاد أصحاب العمل السابق.
· مقاطعة كلامهم.
· تلفت انتباههم لنقاط ضعفك.
تذكر أن معظم أصحاب العمل يحبون:
· الأشخاص الذين ينصتون.
· الأشخاص الذين يدعمون إجاباتهم بأمثلة.
· الأشخاص الذين يوجزون ما يجب إيجازه.
· الأشخاص الذين يأتون للمقابلة مستعدين.
· الأشخاص الذين يبدون واثقين.
أنواع أخرى من المقابلات
ليست كل المقابلات تتبع أسلوب (واحد لواحد). قد تواجه أنواع أخرى من المقابلات. فيما يلي شرح موجز لبعض أنواع المقابلات:
مقابلات اللجان:
تتكون اللجنة عادة من عضوين أو أكثر، على سبيل المثال: رئيس التوظيف، ورئيس القسم الذي ستعمل به.
حاول أن لا تنتابك الرهبة من هذا الوضع. انظر للشخص الذي يطرح الأسئلة، وانظر للشخص الآخر أحيانا وأنت تجيب على الأسئلة. تذكر أن القرار سيتخذ من قبل أكثر من شخص، وهذا قد يزيد من فرصتك على النجاح.
مقابلات اكتشاف الكفاءة:
هذه المقابلات صممت لتتيح لك الفرصة لعرض مستوى كفاءتك في المهام الأساسية للعمل المطلوب. ربما يطلب منك مناقشة أمثلة من عملك السابق وإنجازاتك. الأمثلة يجب أن تكون مختلفة عن تلك التي ذكرتها في طلبك لشغل الوظيفة. قبل المقابلة عليك أن تعمل قائمة بالكفاءات المطلوبة لهذا العمل وفكر بأمور قمت بها متعلقة بكل أمر من هذه الأمور.
مقابلة المجموعة:
قد تدعى لمقابلة بكونك جزء من مجموعة. وهذا لاختبار كيف ستتصرف إن كنت جزء من فريق. كن مستعدا لأخذ جزء فعلي من المناقشة / المهام وضع أفكارك أمامهم. كن جازما لكن غير متصلب.
اختبارات المهارات أو اختبارات أمثلة العمل:
هذه الاختبارات صممت لقياس مستوى معرفتك، أو فهمك لهذا العمل، كاختبارات الطباعة، السواقة، اللياقة، ... الخ. حاول أن تعرف عما سيكون الاختبار وحاول ممارسته قبل المقابلة.
الاختبارات الشخصية:
قد توجّه إليك أسئلة عن معتقداتك، مشاعرك، وسلوكك في حالات معينة. لا يوجد الكثير من أسئلة نعم ولا في هذا النوع من المقابلات. لنتيجة النهائية هي تقدير شخصي لمعرفة ما إذا كان الشخص يناسب العمل المعلن أم لا.
اختبارات القابلية والجدارة:
هذه الاختبارات صممت للتنبؤ عن مدى جودة قيامك بمهام معينة. حيث يتم اختبار براعتك في أمور مثل التفكير في الكلمات، الأرقام، الأشكال البيانية، حل المشكلات، واتباع التعليمات. عادة ما تكون هذه المقابلات في شكل اختبار تحريري عليك إنهاءه في فترى زمنية محددة.
لا تقلق إن كان عليك تجربة أنواع جديدة من المقابلة غير التي تعودت عليها، فالقواعد متشابهة في معظم أنواع المقابلات. الإعداد هو كل شيء!
بعد المقابلة
بعد خروجك من القابلة، وقبل أن تنسى ما دار فيها، فكر في طريقة سيرها:
· ما الأمور التي سارت بشكل حسن؟
· ما الأمور التي سارت يشكل سيئ؟
· هل أحسست بصعوبة سؤال ما؟ لماذا؟
قائمة التقييم التالية قد تساعدك على تحديد المناطق التي بحاجة لتطوير:
اسأل نفسك: هل:
· وصلت في الوقت المحدد؟
· لبست بشكل ملائم؟
· حيّيت الذي يجري المقابلة بأدب؟
· جلست بشكل جيد وتحاشيت التململ؟
· أجبت الأسئلة بشمولية؟
· سوّقت لنفسي – بيّنت لهم لم ترى نفسك أفضل شخص لشغل الوظيفة؟
· وصفت مهامك السابقة بشكل جيد؟
· نظرت لمن يجري المقابلة وتبسّمت أحيانا؟
· شكرت من أجرى معك المقابلة لمنحك جزء من وقته لمقابلتك؟
بعد المقابلة، اجلس واكتب رسالة شكر مختصرة للشخص الذي أجرى معك المقابلة. اشكرهم على وقتهم وكرر رغبتك الشديدة في الحصول على الوظيفة.
حاول أن تتعلم أكبر قدر ممكن من كل مقابلة.
اسعى لأن تكون أكثر استعدادا وواثقا أكثر في المستقبل بالنظر للمناطق المحتاجة لتطوير وتنمية نقاط قوتك.
بهذه الطريقة ستزيد فرصتك في الحصول على الوظيفة!

التفكير

ما هو التفكير ؟
تعددت تعاريف التفكير، ولا يوجد تعريف واحد مرض. فمعظم التعريفات تتناول جانب من جوانب التفكير.
يصف البعض التفكير بأنه (نشاط عقلي) قائلين "بصورة عامة، التفكير هو أي عملية عقلية بصرف النظر عن الوصول إلى نتيجة". وهو تعريف صحيح لأنه يشمل كل شيء، لكنه مع ذلك، ليس تعريفا شافيا تماما.
نرى على الجهة الأخرى تعاريف تصف التفكير بأنه (المنطق وتحكيم العقل) فتقول "التفكير عملية ذهنية لإخضاع المواقف للمبادئ العقلية ومحاولة الوصول إلى نتيجة ما تتعلق بأشياء معينة". لكن هذا التعريف أيضا يشمل مظهرا واحدا فقط.
وإليكم التعريف الذي اخترناه "التفكير هو التقصّي المدروس للخبرة من أجل غرض ما". قد يكون ذلك الغرض هو الفهم، أو اتخاذ القرار، أو التخطيط، أو حل المشكلات، أو الحكم على الأشياء، أو القيام بعمل ما، أو الإحساس بالبهجة، أو الخيال الجامح، أو الانغماس في أحلام اليقضة، وهلم جرا.
لماذا نحتاج تفكير جديد عن التفكير؟
إن حياتنا عبارة عن التخاذ قرارات، نتخذ قرار بأن نذهب للماكن الفلاني، أن نأكل هذا الطعام أو نشرب ذلك الشراب، أن نشتري الشيء الفلاني، أن نلبس هذا اللباس أو ذاك. وهنالك قرارات اعمق، كأن نتاجر بسلعة معاينة، او نتخصص في أمر ما. وهكذا. واتخاذنا لهذه القرارات مبني على معلومات. إلا أن المعلومات وحدة لا تكفي لاتخاذ القرارات. فنحن بحاجة للتفكير لكي:
· الاستفادة من المعلومات.
· تصنيف المعلومات.
· التعامل مع المستقبليات.
· تطوير المعلومات
إذن: المعلومات وحدها ليست كافية لتسيير الحاضر وصنع المستقبل، لذلك نحن بحاجة للتفكير.
هل الذكاء والتفكير شيء واحد؟
إن الاعتقاد بأن التفكير والذكاء شيء واحد يقودنا لنتائج خاطئة مثل:
· أن الأشخاص مرتفعي الذكاء لا يحتاجون أي نوع من التدريب على الفكير، فهم مفكرين بشكل تلقائي.
· أنه لا يمكن عمل أي شيء مع الأشخاص منخفضي الذكاء لتطوير تفكيرهم، فمن المستحيل جعلهم أناسا مفكرين.
للتفكير عدة أساليب لنتعرف على بعض منها:
1- التفكير الطبيعي 2- التفكير المنطقي 3- التفكير الرياضي
وأحيانا يطلق عليه التفكير المبدئي، الأولي، الخام، حيث لا توجد مسارات صناعية للتدخل في أنماط التفكير الأولية، ويصبح تدفق النشاط بالسلوك الطبيعي. وتتسم خصائص التفكير الطبيعي بما يلي: التكرار. التعميم والتحيّز. عدم التفكير في الجزئيات والتفكير في العموميات. الخيال الفطري والأحلام. معرض للخطأ. يمثل التحسن الذي طرأ على طريقة التفكير الطبيعي من خلال المحاولة الجادة للسيطرة على تجاوزات التفكير الطبيعي أو الفطري وذلك من خلال وضع عقبات أمام ممرات الفكر الطبيعي الأولي. إن وضع كلمة (لا) أمام التفكير الطبيعي سيجبر المرء على اتباع طرق أخرى، لذا يعد التفكير المنطقي متقدما بمراحل على التفكير الطبيعي وإن كان يفرض عددا من القيود على عملية الاستفادة من المعلومات المتاحة، كما أنه لا يسمح بحدوث التحول الفكري اللازم لإعادة استخدام أو ترتيب المعلومات المتاحة وبالتالي التعامل مع مواقف مستقبلية نظرا لما يوفره من أنماط فكرية محددة. ويشمل استخدام المعادلات السابقة الإعداد والاعتماد على القواعد والرموز والنظريات والبراهين، حيث تمثل إطارا فكريا يحكم العلاقات بين الأشياء، وعلى العكس من طريق التفكير الطبيعي والمنطقي فإن نقطة البداية تكمن في المعادلة أو الرمز حتى قبل توفر بيانات أن هذه القنوات السابقة (المعادلات، الرموز) ستسهل من مرور المعلومات بها وفق نسق رياضي سابق التحديد.

لكن هل للتفكير الرياضي عيوب؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، ما رأيك أن تحاول حل هاتين المسألتين؟
المسألة الأولى: قطعة شيكولاتة تحتوي على 32 قطعة صغيرة (ثمانية قطع طول، أربعة قطع عرض). طلب منك تقسيمها إلى هذه القطع، ما هو أقل رقم لعدد الكسرات اللازمة لتحويل القطعة الكبيرة إلى 32 قطعة صغيرة؟
المسألة الثانية: وقع الاختيار على (111) لاعبا من بين العاملين بالشركة للدخول في مسابقة الشطرنج التي تنظمها، وطلب منك تحديد عدد المباريات اللازم إجرائها للتوصل إلى اللاعب الفائز، وذلك لإنجاز إجراءات تنفيذ المسابقة مع أحد الفنادق. فكم مباراة سنحتاج للتوصل للاعب الفائز بالبطولة؟
والآن لنسجل معنا عيوب التفكير الرياضي:
· أن نتائج التفكير مرتبطة بمعطيات الرموز والمعادلات وبالتالي يصعب على الفرد الخروج على الإطار الرياضي وهو طريقة لحل مشكلة قد لا تحتاج بالضرورة إلى هذه الطريقة.
· قد يكون من المفيد استخدام أسلوب التفكير الرياضي في التعامل مع الأشياء، لكن قد لا ينفع تطبيق هذا الأسلوب على الأفراد.
4- التفكير الإبداعي:
إن الغرض من التفكير الإبداعي هو مواجهة أخطاء وقيود الذاكرة والتذكر، هذه الأخطاء التي قد تقود إلى استخدام غير سليم للمعلومات، وتلك القيود التي تمنعها من فضل استخدام يمكن للمعلومات المتاحة.
لماذا التفكير الإبداعي؟
يشوب كل أسلوب من أساليب التفكير الأخرى بعض السلبيات. مثل:
· التفكير الطبيعي – به أخطاء التحيز والتعميم.
· التفكير المنطقي – يستخدم لتجنب هذه الأخطاء، لكنه يمنعنا من توليد أفكار جديدة.
· التفكير الرياضي – يجنبنا أخطاء التفكير الطبيعي، لكنه ينمط أساليب التفكير ويركز على الإطار أكثر من المضمون.
وتتم مواجهة هذه الأخطاء والقيود باستخدام أسلوب التفكير الإبداعي الذي يتميز بما يلي:
توفير بدائل عديدة لحل المشكلة.
تجنب التتابعية المنطقية.
تجنب عملية المفاضلة والاختيار.
البعد عن النمط التقليدي الفكري.
تعديل الانتباه إلى مسار فكري جديد.